أن أول ما أوجد المبدِع من أمره العقل، فحصر في جوهره صور المبدَعات كلها كي لا يذهب منها شيء، وزعموا أن العقل يسمى القلم والعرش والأول والسابق والهيولى والشمس، ثم بعده النفس وهي صادرة عن الأول وتسمى اللوح والملك والتالي والقدر والصورة والقمر.
ويقال لهما معاً الأصلان وذلك أن العقل والنفس مرجع الأشياء سواء أكان روحانياً أو جسمانياً (١) .
وقال " الرفنة" في الكافية عن الإنسان: ((هو المولود المنتقى الروحاني الممكن الوجود عن الحدين العلويين اللذين هما والداه وهما: الإبداع الأول: العقل، والإبداع الثاني: النفس التي فاضت عنها الحدود الروحانية وقامت منها السموات والأرض وما فيهن على أحسن حال قال: {حملته كرهاً} الأحقاف (١٥) والحمل على الابتداء، لأنه في البداية كان صفراً من الإشراق، والأنوار العلوية {ووضعته كرهاً} الأحقاف (١٥) ، أي أظهرته إلى الوجود قبل أن تتصل به لمعات التأييد الخفية، وعلى وجه ثان ... لما تكاملت صورته الروحانية، أظهرته النفس بالقوة الإلهية)) (٢) .
فهذان الباطنيان يزعمان أن وجود الإنسان وكذلك سائر المخلوقات يعود إلى خالقين مبدعين وهما: العقل والنفس، ويستدل الأخير منهما بقول الله ( {حملته كرهاً ووضعته كرهاً} الأحقاف (١٥) .هكذا يزعم.
وقال أصحاب رسائل إخوان الصفا: إن أول فيض، فاض من الله تبارك وتعالى بلا زمان ولا مكان ولا واسطة هو: العقل الفعَّال، وهو عندهم نور الله تبارك وتعالى وهو جوهر بسيط نوراني فيه صورة كل شيء وهو باق تام.
ثم أوجد النفس الكلية بواسطة العقل وهي نور العقل وفيضه الذي فاض منه، وهي جوهرة بسيطة روحانية حية فعالة، وهي صورة من صور العقل الفعَّال، وهي باقية تامة غير كاملة.
ثم أوجد الهيولى الأولى منه وهي ظل النفس وفيئه، وقد فاضت من النفس وهي جوهر روحاني باق غير تام ولا كامل.