للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم الصور المجردة، وهي النقوش والأصباغ والأشكال التي عمتها النفس في الهيولى (١) .

هذا قول إخوان الصفا في الأمور التي يسمونها الروحانية.

أما الأشياء الطبعية فعندهم أنها: أبدعت وأحدثت على التدريج عبر الدهور والأزمان، وذلك أن العقل الفعَّال كان يفيض على النفس الكلية الفضائل والخيرات، فلما امتلأت النفس من تلك الفضائل أخذها شبه المخاض فأقبلت تطلب ما تفيض عليه تلك الخيرات والفضائل وكان الهيولى الكلي أي الجسم المطلق فارغاً من الأشكال والصور والنقوش، فأقبلت النفس على الهيولى تميز الكثيف من اللطيف وتفيض عليه تلك الفضائل والخيرات، فخلق من ذلك الجسم عالم الأفلاك وأطباق السموات من لدن الفلك المحيط إلى منتهى مركز الأرض، وركب الأفلاك بعضها في جوف بعض، وركز الكواكب مراكزها (٢) ، ورُبطت به النفس الكلية من أعلى فلك المحيط إلى منتهى مركز الأرض، وهي سارية في جميع أفلاكه وأركانه ومولداته، ومدبرة لها ومحركة (٣) .

قول الدروز:

الدروز كإخوانهم الإسماعيلية في الكفر والإلحاد في دعوى وجود الله (وخلقه للعالم فهم يعتقدون أن الله تبارك وتعالى نور محض وهو معنى من زعم أنه لا صفة له ولا ذات، وأنه أوجد العقل الأول. وفي هذا يقولون:

((العقل الأرفع أو الكلي الذي هو المُبدَع الأول أُبْدِع من النور الشعشعاني المحض صورة صافية كاملة فتضمن في سره معنى ما كان وما يكون دفعة واحدة بدون زمان، فكان قوة كاملة وفعلاً تاماً وكان علة العلل وأصل الوجود وغايته معاً ...

ثم قالوا: والعقل: هو فعل الإبداع وهو يصدر عن فيض تنزُّه الطاقة وكمالها بإمداد المهيمن له بالقوة التامة والنور الفائض.

ولقد تعالى المهيمن عن إلزام المبدِع والمبدَع والإبداع، فالعقل هو الأمر من قبل ومن بعد، وقد نزل المبدَع الأول في تعقله وخلقه مضطراً بذلك بعد أن أفاض عليه المهيمن نوراً وقوة ...

<<  <  ج: ص:  >  >>