للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما ما جاء في الحديث (أتوضأ من لحوم الإبل؟ ...) فليس استئذاناً لأنه ليس طلباً للإباحة أو الإطلاق في أمر قد تقرر حظره على السائل قبل، بل هو أمر بعد سؤال السائل النبي صلى الله عليه وسلم عن حكم الوضوء من لحم الإبل، والأمر بعد السؤال يقرره مقتضى السؤال أهو عن الوجوب أو الإباحة أو الإجزاء؟ كما قرر ذلك الإمام ابن قدامة (١) في المغني بقوله:

(... ومنها أن السائل سأل النبي صلى الله عليه وسلم هل يفعل ذلك أم

لا؟ وجوابه يختلف باختلاف مقتضى سؤاله، فإن كان مقتضاه السؤال عن الإباحة فالأمر في جوابه يقتضي الإباحة، وإن كان السؤال عن الاجزاء فأمره يقتضي الاجزاء ... وإن كان سؤالهم عن الوجوب فأمره يقتضي الوجوب كقولهم (أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: توضؤوا من لحوم الإبل ...) .

القائلون بعدم النقض:

ذهب الحنفية (٢) ، والمالكية (٣) ، والشافعية في الصحيح (٤) عندهم، والزيدية (٥) ، إلى أن أكل لحم الإبل لا ينقض الوضوء، وهو رواية (٦) عن الإمام أحمد، وقول سويد بن غفلة (٧) ، ومجاهد (٨) ، وعطاء (٩) بن أبي رباح،

وطاوس (١٠) ، وسفيان الثوري (١١) ، وإبراهيم النخعي (١٢) ، والليث بن سعد (١٣) ، والأوزاعي (١٤) .

أدلة القائلين بعدم النقض:

الدليل الأول: ما أخرجه الإمام أبو داود (١٥) – وغيره (١٦) – في سننه بسنده عن جابر بن عبد الله قال (كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ترك الوضوء مما غيرت النار) .

درجته: صحح الحديث ابن خزيمة (١٧) والنووي (١٨) وأحمد (١٩) شاكر والألباني (٢٠) .

وجه الدلالة: إن لحم الإبل فرد من أفراد ما غيرت النار، والدليل يدل على نسخ وجوب الوضوء مما غيرت النار لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك في آخر الأمر الوضوء من أكل ما غيرت النار وهذا يستلزم أن لا يكون أكل لحم الإبل ناقضاً للوضوء.

<<  <  ج: ص:  >  >>