للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(... وقد جاء أن على ذروة كل بعير شيطان (١) ، وجاء أنها جن خلقت من جن (٢) ، ففيها قوة شيطانية، والغاذي شبيه بالمغتذى، ولهذا حرم كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير، لأنها دواب عادية، فالا غتذاء بها يجعل في طبيعة المغتذي من العدوان ما يضره في دينه، فإذا اغتذى من لحوم الإبل وفيها القوة الشيطانية، والشيطان خلق من نار، والنار تطفأ بالماء، وهكذا جاء الحديث، ونظيره الحديث الآخر (٣) (إن الغضب من الشيطان فإذا غضب أحدكم فليتوضأ) ، فإذا توضأ العبد من لحوم الإبل كان في وضوئه ما يطفئ تلك القوة الشيطانية فتزول تلك المفسدة) .

٤- إنه قياسي طردي (٤) فاسد، قال الإمام ابن قدامة في المغني (٥) :

(وقياسهم فاسد، فإنه طردي لا معنى فيه، وانتفاء الحكم في سائر المأكولات لانتفاء المقتضى لا بكونه مأكولاً فلا أثر لكونه مأكولاً (٦) ووجوده كعدمه) .

الدليل الثامن:

إن أكل لحم الإبل نوع من الانتفاع به، والانتفاع بلحم الإبل من بيع وغيره لا يوجب الوضوء.

قال القاضي عبد الوهاب في الإشراف (٧) : (ولأن الأكل نوع من الانتفاع به فلم يجب به وضوء، أصله البيع وغيره) .

وأجيب بالآتي:

١ - ما سبق من أن الحكم تعبدي ولا مدخل للقياس فيه.

٢ - ما سبق من أن القياس هنا فاسد لمصادمته للنص الخاص.

٣ - الفرق الظاهر بين الانتفاع بالبيع والإجارة والهبة ونحوها وبين الانتفاع بالأكل، فقد أباح الشرع للرجل الانتفاع ببيع الذهب والحرير ولم يبح له الانتفاع بلبسهما، وأباح للمسلم الانتفاع بجلد الميتة بعد دبغه ولم يبح له الانتفاع بأكل لحم الميتة.

• • •

الخاتمة:

بعد هذا العرض لآراء الفقهاء وأدلتهم ومناقشاتهم يتضح لنا رجحان القول بنقض الوضوء من أكل لحم الإبل للآتي:

صحة أدلة القائلين بالنقض وظهور دلالتها على محل الحكم.

ضعف أدلة القائلين بعدم بالنقض لورود المناقشات القوية عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>