للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٢٠] قال: ونا الوليد، نا أبو مروان، أنه سمعه يحدث؛ قال: خرجت ذات يوم متوحداً على فرسي، لأصيب غفلة أو منفرداً، متسمطاً مخلاة فيها عليق فرسي، ومنديل فيه خبز وشواء، فينما أنا أسير، إذ مررت ببستان فيه بقل طيب، فنزلت، فعلقت على فرسي، وأصبت من ذلك الشواء ببقل البستان، إذ أسهلني بطني، فاختلفت مراراً، فاستفقت من دوامِه وضعفي عن ما يجيء علي من الركوب، فبادرت وركبت، ولزمت طريقاً، واستفرغني على سرجي، كراهية أن أنزل فأضعف عن الركوب، حتى لزمت عنقه متشبثاً ببرطنجه، مخافة أن أسقط عنه، وذهب بي ولا أدري أين يذهب بي، إذ سمعت وقع حوافره على بلاط، ففتحت عيني، فإذا دير، فوقف بي في وسط الدير، وإذا نسوة يتطلعن من أبواب الدير، فلما رأين أنه لا تبع لي، ورأين حالي وضعفي عن النزول، خرجت صاحبة منهن حتى وقفت علي، ونظرت في وجهي، وعرفت من حالي، ورطنت لهن تحسب علي، وأمرتهن فنزعن عني ثيابي، وغسلن ما بي، ففعلن، ودعت بثياب فألبستنيها، وترياق، أو دواء فشربته، ثم أمرت بي فجُعلت على سرير لها ودثار، وأمرت بطعام فهيء لي، فأتت به، وأقمت يومي ذلك وتلك الليلة مسبوتاً (١) ، لا أدري ما أنا فيه، قال: وأصبحت من الغد على ضعف من الركوب، وأقمت ليلتي ويومي وليلتي، فذهب عني السبات، وأنا ضعيف عن الركوب، حتى كان في اليوم الثالث، جاءها من يخبرها أن فلاناً البطريق قد أقبل في موكبه، فأَمَرَتْ بفرسي فغُيِّب، وأغلق علي باب بيتي الذي أنا فيه، ودخل البطريق، فأنزلته منزلاً، واقتفت به وبأصحابه، وأسمع بعض النسوة تخبر أنه خاطب لها، فبينما هو على ذلك الحالة، إذ جاءه من يخبره عن موضع فرسي، وإغلاقهم علي، فهمَّ أن يهجم علي، فأقسمتْ إن هو تعرض لي لا نال حاجته، فأمسك، وأقام قائلة في ذلك اليوم في قرى، ثم قروح، وخرجت فدعوت بفرسي، فخرجت إلي فقالت: إني لا آمن أن يكمن لك، دعه

<<  <  ج: ص:  >  >>