للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخمدتها جمراً ذكا بتأجج

فابيض وجه الدين بعد محاقه

واسود وجه الكفر بعد تبلج

فالسنة الغراء صبح ينجلي

والبدعة السوداء ليل يدج

طمست معالمها وأخلق ثوبها

والدين في درع يميس مدبج

وتفجرت للدين من بركاته

عين الحياة تذل ماء الحشرج (١)

...

وقد انتهت أخبار حركة الشيخ عثمان بن فودي وجهاده إلى سلطان المغرب المولى سليمان يرحمه الله فسارع بالكتابة إليه معرباً عن إعجابه بدعوته ومفصحاً عن محبته له.

ونقتطف من رسالة المولى سليمان إلى الشيخ ابن فودي ما يدل على انتشار دعوة هذا الشيخ الشنية السلفية في بلاد السودان والمغرب ( ... إلى السيد الذي فشا في أقطار السودان عدله، واشتهر في الآفاق المغربية ديانته وفضله، العلامة النبيه، العديم في زمانه الشبيه، ذي النورين العلم والعمل، اللذين هما منتهى الأمل، السيد عثمان بن محمد بن عثمان بن صالح الفلاني، نفع الله بعلومه القاصي والداني، وسلام منا عليه ما اشتد شوقنا إليه، ورحمة من الله تغشاه، حتى لا يخشى إلا الله {والله أحق أن تخشاه} . وبعد، فقد بلغنا من الثناء عليك والتعريف بأحوالك وأفعالك وأقوالك ما أوجب محبتنا لك، وتسليمنا عليك ( ... ) أخبرنا بما قمت به من الأمر الواجب، من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي له نصب الرسول والأمير والوزير والحاجب حتى دخل الناس في دين الله أفواجاً، وترادفت عليك وفود الإسلام أمواجاً ( ... ) وهذا من أعظم منح الله، وأتم النعم، كما يشهد الحديث ((لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)) (٢) .

وأما ماذاد الدعوة وصدها فيمكن تمثله في عاملين إثنين:

أولهما انتشار الزوايا، وتعدد الطرق الصوفية، واتساع نفوذها في المجتمع، واشتداد سلطتها عليه. وقد اكتسبت ذلك بمرور الأعوام، وسيطرة الجهالة على العقول، وهيمنة الشعوذة على النفوس.


(١) نفسه، ص ٨٣.
(٢) نفسه، ص ٢٩٥ - ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>