دون أن يثبت لها مقدمة، في حين رواها أبو الخطاب القرشي (عاش قبل منتصف القرن الخامس الهجري)(٢٥) كاملة، مع مقدمة ضافية (٢٦) .
... ويضيف الدكتور عطوان قائلاً:((ومن الطريف أن مقدمتها التي وصف فيها الأطلال، وصاحبته، ورحلته في الصحراء، وناقته، ومنظراً من مناظر الصيد، تبلغ ما يقرب من خمسين بيتاً)) (٢٧) .
... ويستظهر من ذلك ((أنَّ كثيراً من القصائد سقطت مقدماتها)) (٢٨) ، معقباً بأنه ((ليس في ذلك شك)) (٢٩) .
وثانيهما:((أنَّ كثيراً من نصوص الشعر الجاهلي ضاع في أثناء رحلته من الجاهلية إلى عصر التدوين)) (٣٠) .
... ولا شكَّ أن وجود شاهد واحد حتى ولو كان صحيحاً لا يمكن أن ينهض دليلاً على صحة ما ذهب إليه الدكتور عطوان من أن ((كثيراً من القصائد سقطت مقدماتها)) ، كما أنه ليس مسوغاً للجزم بذلك إلى حد القول ((وليس في ذلك شك)) ، لأن تعميم حالة قصيدة النابغة تلك على جميع القصائد التي خلت من المقدمات قياس خاطئ قيس الكل فيه على حالة واحدة، فضلاً عن أنه يتجاهل ما أقرّه نقاد ثقات كابن رشيق من أن ((من الشعراء من لا يجعل لكلامه بسطاً من النسيب، بل يهجم على ما يريده مكافحة، ويتناوله مصافحة وذلك عندهم هو الوثب، والبتر، والقطع والكسع، والاقتضاب وكل ذلك يقال)) (٣١) .
... ثم إن تلك المقدمة المزعومة ((يمكن أن تكون دليلاً على العكس تماماً، لأنه من المقبول أن يقال إنّ هذه قصيدة وتلك أخرى، والطول مرشح لذلك، أو إن هذا الجزء أضيف إلى ذاك.. وخلاف الروايات نفسه ربما يصح دليلاً للشك في أنها قصيدة واحدة)) (٣٢) . كما يقول الدكتور محمد أبو الأنوار.