للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.. ولحسان قصيدة جاهلية في الفخر يستهلها بهذه الصورة من صور مقدماته، يبدأُها بلوحة الظعن، وفيها يلتمس من خليله بباب جلِّق أن يتبصر لعله يرى ركباً قادمين من تلقاء البلقاء، ثم يخبره بأن قافلة صاحبته (شعثاء) قد انطلقت من مكان يسمى المحبس وانحدرت بين المرتفعات، تحمل نسوة حور العيون، نقيات البشرة، بيضاوات الوجوه، يلتحفن ملاءات حريرية، وتبدو عليهن آثار النعمة، والترف.

... ويتابع حسان رحلة هاتيك الظعائن، فيخبر صاحبه أنهن قد مررْن ببصرى الشام، واجتزن جبل الثلج (يريد جبل الشيخ) الذي يعانق السحب، يقول (٩٣) :

انْظُرْ خَلِيلي بِبابِ جِلَّقَ هَلْ

تُؤْنِسُ دونَ البَلْقاءِ من أَحَدِ

أَجْمَالَ شَعْثَاءَ قَدْ هَبَطْنَ من المَ

حْبَسِ بَيْن الكُثْبَانِ فَالسَّنَدِ

يَحْمِلْنَ حُوَراًحُوْرَ المَدَامِعِ في الرَّ ...

يْطِ، وبيضَ الوُجُوهِ كالبَرَدِ

منْ دونِ بُصْرَى وَدُونَها جَبَلُ الثَّلْجِ

عَلَيهِ السَّحَابُ كالقِدَدِ

وفي اللوحة الغزلية من هذه المقدمة يقسم حسان برب الإبل التي ذللها كثرة الارتحال، وما تقطع من صحارى شاسعة، وبرب الإبل التي قرّبت للنحر، يميناً برة لا يحنث فيها، أنه أحبّها حباً لم يتطرق إليه وهن، أو يعتريه فتور، وأنه لم يحب امرأة حبه إياها:

إِنِّي وَرَبِّ الْمُخَيَّسَاتِ وَمَا

يَقْطَعْنِ مِن كُلِّ سَرْبخٍ جَدَدِ

وَالبُدْنَ إِذْ قُرِّبَتْ لِمَنْحَرِهَا

حِلْفَةَ بَرِّ اليَمِينِ مُجْتَهِدِ

مَا حُلْتُ عَنْ خَيْرِ مَا عَهِدْتِ وَمَا

أَحْبَبْتُ حُبِّي إِيَّاكِ مِنْ أَحِدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>