مُسْتَقْبِلاتٍ كُلَّ هَاجِرَةٍ
يَنْفُخْنَ فِي حَلَقٍ مِنَ الصُّفْرِ
وَمُنَاخُهَا في كلِّ مَنْزِلَةٍ
كَمَبِيتِ جُونيِّ القَطَا الكُدْرِ
وَسَمَا عَلى عُودٍ فَعَارَضَنَا
حِرْبَاؤُهَا أَوْ هَمَّ بِالخَطْرِ
وَتَكَلُّفِي اليَوْمَ الطَّويلَ وَقَدْ
صَرَّتْ جَنَادِبُهُ مِنَ الظُّهْرِ
... ومن الواضح أن حساناً قد ضمن لوحة الطيف في هذه المقدمة معظم العناصر التقليدية التي ذكرها الشريف الرضي، والدكتور خليف والدكتور عطوان لتلك اللوحة، ولكن على نحو من الإيجاز والتكثيف.
... وبقدر ما أوجز في لوحة الطيف أسهب في لوحة الرحلة، فأفاض في وصف طولها، وما لحق المطايا من أين وكلال؛ وأفاض في وصف ظواهر الطبيعة القاسية ليصل بالرحلة إلى أقصى غاية من الصعوبة، وليضاعف شحنة الاستغراب من قدرة الطيف على قطع المسافات التي قطعها الشاعر وصحبه، وهو الضعيف الذي ليس في قدرته ذلك.
الصورة الثامنة: مقدمة وصف الليل والظُّعن
... تتضافر على تكوين هذه الصورة من صور مقدمات حسان الجاهلية لوحتان، هما: لوحة وصف الليل، ولوحة الظعن.
... ومقدمة وصف الليل من المقدمات القليلة ((التي لم يحرص الشعراء على افتتاح قصائدهم بها كثيراً)) (١٢٠) .
... وقد افتتح حسان بهذه الصورة قصيدته البائية التي مطلعها (١٢١) :
تَطَاولَ بالخَمَّانِ لَيْلِي فَلَمْ تَكَدْ
تَهُمُّ هَوَادِي نَجْمِهِ أَنْ تَصَوَّبَا