للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتقدّم به العمر فَيَلي فارس وكرمان للمأمون (١) ، ويستخدمه في بعض شؤون دولته ومن بينها ديوان الخاتم والتوقيع والأزمّة، وهكذا يعظم شأنه ويزداد خطره في هذا العصر، ويصبح له من الأمر والنهي ما جعل الرواة يختلفون في تبيّن أمره، فمنهم من يرى أنه كان وزيراً بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، ومنهم من ينفي ذلك ويرى أنه لم يتجاوز أن يكون كاتباً.

فالمسعودي (ت:٣٤٦هـ) يذكر ((أن المأمون استوزر الفضل بن سهل ثم أخاه الحسن بن سهل. فلما أظهر العجز عن الخدمة لعوارض من العلل ولزِم منزله، عدل المأمون إلى استكتاب كتاب لعلمه بكتابتهم وجزالتهم، وأنه ليس في عصرهم من يوازيهم ولا يدانيهم، فاستوزرهم واحداً بعد واحد أولهم أحمد بن أبي خالد (٢) ، ثم أحمد بن يوسف (٣) ، ثم أبو عباد ثابت بن يحي (٤) ، وعمرو بن مسعدة بن صول، وكان يجري مجراهم ولا يعدّه كثير من الناس في الوزراء، قال: ولم يكن يسمى بين يديْ المأمون أحد من كتابه وزيراً، ولا يكاتب بذلك (٥)) ) .

ويرى ياقوت (٦) أن بعض الشعراء سماه وزيراً؛ لعظم منزلته لا لأنه كان وزيراً، وهو قوله:

لَقدْ أَسْعَدَ اللهُ الوزيرَ ابنَ مَسْعدهْ وَبَثَّ لَهُ في النّاسِ شُكْراً ومَحْمَدَهْ وقد صرّح ابن مسعدة نفسه في ((خبره مع حائك الكلام)) أنه وزير، وتعاظم من المأمون أن يبعثه إلى ما يصلح أن يبعث إليه من هو دونه في المنزلة، فقال: ((وقلت في نفسي: أنا في موضع الوزارة، وقد جعلني مُستحثاً إلى عامل، ومستخرجاً، ولكن أمر الخليفة لا بد من سماعه وامتثال مرسومه... (٧)) ) .

((ومهما كان فالرتبة التي بلغها عمرو بن مسعدة وزارة وزيادة، وكان إليه ديوان الرسائل وديوان الخاتم والتوقيع والأزمة، وسواء تقلد الوزارة أَمْ لم يتقلدها فإن العظائم التي كان يندب إليها تدل على درجة الثقة به (٨)) ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>