للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الأوصاف التي أشار إليها المأمون في كتابه جمعها أحد الشعراء في وصفه بعض وزراء الدولة العباسية بها فقال ...:

بَدِيهَتُه وفِكْرَتُهُ سَوَاءٌ

إِذَا اشتَبهتْ عَلَى النّاسِ الأمورُ

وَأَحزَمُ ما يَكونُ الدّهرَ يوماً

إِذَا أَعْيا المُشَاوِرُ والمُشِيرُ

وَصَدْرٌ فيهِ للهَمِّ اتّساعٌ

إِذا ضَاقَتْ من الهمِّ الصُّدورُ (١)

وإلى بعض هذه الصفات أشار المسعودي بقوله: ((فلم يكن الخلفاء والملوك تستوزر إلا الكامل من كتابها، والأمين العفيف من خاصّتها، والناصح الصدوق من رجالها، ومن تأمنه على أسرارها وأموالها، وتثق بحزمه، وفضل رأيه، وصحة تدبيره في أمورها (٢)) ) .

وكان ابن مسعدة حسن السياسة مع وليّ نعمته الخليفة المأمون، حسن الصحبة له، لبقاً في معاملته ومداخلته، يظهر ذلك جلياً في قصة إهدائه فرساً رائعًا لما علم إعجابه به، ورغبته فيه، وذلك حين رآه ينظر إليه نظر مستحسن له، فما كان من عمروٍ إلا أن قاد الفرس إليه، وكتب إليه أبياتاً قال فيها:

هِ إِذَا عُدَّ إِمَامُ

يَا إِماماً لا يُداني

ضُلُ نقصاناً تَمَامُ

يَفضُلُ الناسَ كما يف

مِثْلُه ليس يُرامُ

قَدْ بَعَثْنَا بِجَوَادٍ

حسن سَرجٌ وَلِجَامُ

فََرسٌ يزهى به لل

ك في الفَضلِ الأنامُ

دَونَهُ الخَيلُ كَما دون

سََائرُ الجِسْمِ ظَلامُ

وَجْهُهُ صُبْحٌ ولكنْ

لى عَلَى العَبدِ حَرَامُ (٣)

وكان لذكائه، وحسن سياسته للخلفاء، ولباقته في التلطف معهم، ثم لما له من حظوة عندهم ملاذاً لبعض الرجال الذين ضاقت بهم الأرض، حين غضب عليهم الخليفة، فحُرِموا من العيش في ظله الوارف، وظلوا في ترقَبٍ دائم لسطوته، وعقابه.

فقد غضب المأمون غضباً شديداً على الشاعر الخليع (الحسين بن الضحاك) وذلك لوقوفه ضدّه مع أخيه الأمين، فحاول بشتى الوسائل والسبل كسب ودّه ورضاه، فلما أعيته الحيلة، ولم يجد له إلى ذلك سبيلاً ((رمى بأمره إلى عمرو بن مسعدة وكتب إليه:

<<  <  ج: ص:  >  >>