للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْتَ طَودِي مِن بين هذي الهضابِ

وَشِهَابي مِنْ دُونِ كُلّ شِهَاب

أنت ياعمرو قُوّتي وَحَياتي

ولِساني، وأنت ظُفري ونابي

أتُراني أنسى أياديَكَ البي

ضَ إذِ اْسودّ نائلُ الأصحابِ

أين عطف الكرامِ في مأقِطِ (١) الحا

جةِ يحْمُونَ حَوْزةَ الآدابِ

أين أخلاقُك الرضيَّة حالت

فيّ أم ْ أين رِقّة الكُتّابِ

أنا في ذِمّة السحابِ وأظما!

إنّ هذا لوصمةٌ في السحابِ

قُم إلى سيِّدِ البريّة عني

قَوْمةً تَسْتَجِرُّ حُْسنَ خِطَابِ

فَلَعَلَّ الإلهَ يُطفئُ عَنّي

بك ناراً عليَّ ذات التهابِ

قال: فلم يزل عمرو يلطُف للمأمون حتى أوصله إليه، وأدرَّ أرزاقه (٢)) ) .

وكان الحسين هذا قد لاذ بالحسن بن سهل، وطمع في أن يصلح المأمون له، وقال قصيدة ((فاستحسنها الحسن بن سهل، ودعا بالحسين فقرّبه، وآنسه، ووصله، وخلع عليه، ووعده إصلاح المأمون له، فلم يمكنه ذلك لسوء رأي المأمون فيه ولِما عاجل الحسن من العلة (٣)) ) .

وكان ابن مسعدة ذا ذوق رفيع فقد ((كان في مجلس المأمون يقرأ عليه الرّقاع، فجاءته عطسة فردّها، ولوى عنقه، فرآه المأمون، فقال: يا عمرو، لا تفعل؛ فإن ردّ العطسة، وتحويل الوجه بها يورثان انقطاعاً في العنق. فشكر له ذلك بعض ولد المهدي، وقال: ما أحسنها من مولى لعبده، وإمامٍ لرعيته! فقال المأمون: وما في هذا! إن هشاماً بن عبد الملك اضطربت عمامته، فأهوى إليها الأبرش الكلبيّ؛ ليصلحها، فقال هشام: إنا لا نتخذ الإخوان خَوَلاً! فالذي فعل هشام أحسن مما فعلتُ.

فقال عمرو: يا أمير المؤمنين، إن هشاماً يتكلف ما طُبِعتَ عليه، ويظلم فيما تعدل فيه، ليس له قرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا قيامك بحق الله، وإنك والملوك كما قال النابغة الذبياني (٤) :

أَلَمْ ترَ أنّ الله أعطاكَ سورَةً

تَرى كُلَّ مَلكٍ دونها يتذبذبُ

فَإِنّك شَمْسٌ والملوكُ كَوَاكِبٌ

إِذَاطلَعتْ لم يَبْدُ منهنّ كوكبُ (٥)) )

<<  <  ج: ص:  >  >>