قالوا: أبو الفضلِ مُعْتَلٌ، فَقُلتُ لهم:
نفسي الفِداءُ لهُ مِن كُلِّ مَحْذورِ
يا ليت عِلّتَهُ بي، ثُمّ إِنّ لَهُ
أجرَ العَليلِ وَأَنّي غَيرُ مَأجُورِ (١))
وتُلِمّ بأبي محمد عبد الله بن أيوب التّيْميّ (٢) بعض الظروف الحَرِجة، فييمّم وجهه نحو ابن مسعدة طامعاً في نواله، مستشرفاً عونه ومساعدته له في محنته، ويهزّ أريحيّته بقصيدة تفيض بكل مشاعر الأمل، وتسيطر عليها عاطفة جياشة صادقة، مشيداً فيها بكثيرً من خلاله وصفاته، تلك القصيدة هي البائية التي يقول فيها (٣) :
أَعِنِّي على بارقٍ ناضبِ
خفيٍّ كوحيِكَ بالحاجبِ
كأن تألّقه في السماء
يدا كاتبٍ أو يدا حاسِبِ
فروّى منازل تَذكارُها
يُهيّج من شوقكَ الغالبِ
غَريب يَحِنُّ لأوطانِهِ
ويبكي على عصرِه الذاهبِ
كفاك أبو الفضل عمرو الندى
مُطالَعة الأمل الكاذبِ
وصِدق الرجاءِ، وحسنِ الوفاءِ
لعمرو بن مسعدة الكاتبِ
عريض الفِناءِ، طويل البنا
ءِ، في العزِّ والشرَفِ الثّاقِبِ
بنى المُلكَ طودٌ له بيتهُ
وأهل الخلافة من غالبِ
هو المُرتَجَى لِصُروفِ الزمانِ
ومُعتَصَم الراغبِ الرّاهِبِ
جَوادٌ بما مَلَكَتْ كفّهُ
على الضيفِ والجار والصاحبِ
بِأُدم الرّكاب، ووشيِ الثّيا
بِ، والطِّرْفِ، والطَّفلةِ الكاعبِ (٤)
نُؤمِّلُه لِجِسامِ الأمورِ
ونرجوه للجَلَلِ الكارِبِ
خَصيب الجِنابِ مطيرُالسحابِ
بِشِيمتهِ ليّن الجانبِ
يُروّي القَنَا من نُحورِ العِدا
ويُغرِق في الجود كاللاعبِ
إليك تبدّت بأكوارها
حراجيجُ في مهمهٍ لاحِبِ (٥)
كأنّ نعاماً تَبَارى بنا
بَوَابِلِ من بَرَدٍ عاصِبِ (٦)
يَرِدْنَ نَدَى كفِّكَ المُرْتَجَى
ويقضِين من حقّك الواجِبِ
ولله ما أنت من خابرٍ
بسَجلِ لقومٍ ومن خاربِ
فتسقي العدا بكؤوس الردى
وتسبق مسألة الطالبِ
وكم راغِبٍ نِلتَه بالعطا
وكم نِلتَ بالعطف من هاربِ
وتلك الخلائق أعطيتها
وفضل من المانع الواجبِ