للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أبرز الموضوعات الجديرة بالبحث والدراسة ما تميّز به أسلوب ابن مسعدة من بلاغة وفصاحة، حتى صار مضرِب المَثَل فيهما (١) ، وهو ما جعله بحق علماً من أعلام الكتابة في العصر العباسي.

وما من شك في أن ما اتّصف به ابن مسعدة من الفصاحة والبلاغة قد هيّأته أمور، من أبرزها ما يلي:

أولاً: ما عُرِف به أبوه مسعدة بن صول من أنه ((كان مولى لخالد بن

عبد الله القسريّ، وكان كاتباً بليغاً، ولِيَ الكتابة لخالد هذا، ثم كتب لخالد بن برمك، وكتب بعده لأبي أيوب المورياني وزير المنصور على ديوان الرسائل (٢)) ) . وقد ذكر ابن النديم (٣) لمسعدة كتاباً في الآداب سماه ((أدب مسعدة الكاتب)) وعدّه في بلغاء الناس العشرة (٤) ، فليس غريباً على من كان أبوه كذلك أن يكون له شأو في الكتابة، وشأن في البلاغة ومن شَابَه أباه فما ظلم.

ثانياً: ثقافته الواسعة، فقد تثقّف ابن مسعدة ((ثقافة عربية وإسلامية واسعة حتى غدا لسناً فصيحاً، بل لقد غدا شاعراً ينظم الشعر، كما غدا يحسن شؤون الفقه مما يتصل بالخراج، ووقف على العلوم الرياضية وما يتصل بها من الحساب مما كان يثقفه الكُتّاب، كما وقف على آداب الفرس وكتاباتهم في السياسة والأخلاق وتدبير الحكم، وربما وقف أيضاً على شيء من الفلسفة اليونانية والحكمة الهندية (٥)) ) وهي ثقافة كان يأخذ بها نفسه كل من يطمح إلى تسنّم ذروة منصب الوزارة والكتابة في هذا العصر، كما أنها ((أدوات ترشِّح الشخص لكي يعمل في الدواوين لعصره، ويتقن العمل فيها، ويظفر بما يريد من الإعجاب والترقّي في المراتب السَّنيّة (٦)) ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>