للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للتوقيع في اللغة معانٍ كثيرة، وهو هنا مأخوذ من قولهم: ظهر موقّع أي أصابه التوقيع وهو الدَّبَر (١) ، وبعير موقّع الظهر به آثار الدَّبَر، فكأن الموقّع في الكتاب يؤثّر في الأمر الذي كُتِب الكتاب فيه ما يؤكّده ويوجِبُه (٢) .

أما في الاصطلاح فهو ((الكتابة على حواشي الرقاع والقصص بما يعتمده الكاتب من أمر الولايات، والمكاتبات في الأمور المتعلقة بالمملكة، والتحدّث في المظالم (٣)) ) .وقال الأزهري: ((توقيع الكاتب في الكتاب المكتوب: أن يجمِل بين تضاعيف سطوره مقاصد الحاجة، ويحذف الفضول (٤)) ) .

ويعرف الأستاذ شوقي ضيف التوقيعات بأنها: ((عبارات موجزة بليغة، تعوّد ملوك الفرس ووزراؤهم أن يوقّعوا بها على ما يقدّم إليهم من تظلمات الأفراد في الرعية وشكاواهم، وحاكاهم خلفاء بني العباس ووزراؤهم في هذا الصنيع (٥)) ) .

وقد ازدهر هذا الفن في العصر الأموي، وزادت عناية الكتاب به في العصر العباسي حتى أُثِر عن جعفر بن يحيى البرمكي (ت:١٨٧هـ) قوله موصياً الكُتّابَ: ((إن استطعتم أن يكون كلامكم كله مثل التوقيع فافعلوا (٦)) ) .

وقد أورد بعض الدارسين (٧) عدداً من العوامل التي رآها سبباً في ازدهار هذا الفن في الأدب العربي، فكان مما أورده ما يأتي:

١ انتشار الكتابة، والتعلم، والتعليم.

٢ حاجة الولاة إلى الردود السريعة على مكاتباتهم أو رسائلهم؛ لأهميتها، وكثرتها مع كثرة الأعباء الملقاة على عواتقهم؛ لتنوع إدارات الدولة، وشؤونها.

٣ ظهور كثير من الكتاب في بلاط الخلفاء والحكام، وقدرتهم على التأنُّق في كتاباتهم.

٤ اهتمام الناس بالتوقيعات، وولعهم بها، والتنافس الشديد بينهم في إجادتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>