للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمجتمع) .

ولا نستطيع أن نُغفِل التناقض الظاهر والجذري بين هذا المفهوم الليبرالي للحرية وبين مفهوم الحرية في نظرية القانون الطبيعي التي انطلق منها المذهب الفردي، وهو المذهب الذي على أساسٍ منه قامت الثورة الفرنسية. فالخضوع للقانون هو قوام الحرية عند شيشرون الذي كانت نظريته في القانون الطبيعي منطلقاً لتطور فكري وسياسي دام قروناً في أوروبا؛ وموقف شيشرون في هذا الشأن موقف جذري إذ يقول: ((إننا عبيد للقانون لكي نكون أحراراً)) ؛ وبديهي أن القانون الذي يعنيه هو القانون الطبيعي أي القانون القائم بنفسه السابق للإرادة والذي يقرِّر للإرادة ما ينبغي أن تتَّجه إليه؛ والحرية التي يعنيها هي إذن حرية أخلاقية قائمة على ثنائية المثال المجرَّد والإرادة البشرية. وهكذا نستطيع أن نرى أن المذهب الفردي في طوره النهائي الذي أفرز الثورة الفرنسية قد تنكَّر لأصله التاريخي الذي انحدر منه بأن جرَّد الحرية من طابعها المعياري وأفقدها عمقها الأخلاقي وجعلها إرادة محضة بعد أن كان جوهرها القانون.

<<  <  ج: ص:  >  >>