وكذلك كان نزول الروح القدس جبريل عليه السلام، على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، كان ينزل بعض المرات على هيئته التي خلقه الله عليها (٥١) ، وينزل في مرات أخرى على هيئة الصحابي الجليل دحية بن خليفة الكلبي (٥٢) .
وبهذا يتبين لنا من هذه النصوص حقيقة الروح القدس، وأنه كان مع داود عليه السلام وأنه بشر زكريا، ومريم، وأن يحيى والمسيح عليهما السلام وكذلك تلاميذ المسيح ورسله كان يعضدهم الروح القدس، ويحل عليهم، ومنه يمتلئون، ويؤيدهم بالنصر، كما بينت تلك النصوص أن المسيح عليه السلام حذر اليهود من ألفاظ السوء التي يقولونها على الروح القدس، وأن من يفعل ذلك فلن يغفر له لا في الدنيا ولا في الآخرة.
كما بينت تلك النصوص، أن الروح القدس ورد ذكره بمعنى جبريل عليه السلام وبمعنى الوحي الإلهي، وبمعنى النصر والتأييد للمؤمنين، ويبدو أن هذا هو الاعتقاد الذي كان عليه النصارى في حياة المسيح وحواريوه والقرون الثلاثة الأولى لميلاده، بدليل أن الشواهد من مصادرهم الدينية الآنفة الذكر لاتعني سوى ذلك، لأن اعتقادهم ألهيته لم يتقرر إلا بعد رفع المسيح عليه السلام بأربعة قرون، أي في مجمع القسطنطينية سنة ٣٨١م، كما سيأتي بيانه.
المطلب الثالث: حقيقة الروح القدس عند المسلمين:
هذه الصفات للروح القدس حسب المصادر الدينية السابقة هي التي صدقها القرآن الكريم المنزل على خاتم المرسلين، والمصدق لما بين يديه من الكتب السابقة، والمهيمن عليها، فقد جاء الروح في القرآن الكريم، على عدة أوجه (٥٣) :