للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذه الصورة يرفض النحاة أساليب العرب، ويضعون مكانها أساليب أخرى تسولها لهم فكرة العامل. وإن الاستمرار في درس هذا الباب ليطلعنا على مدى تكلفهم، فإن من يرجع إليهم فيه يجدهم يطبقون هذا المنهج تطبيقًا واسعًا، فلا يتركون فعلاً ولا ما يشبه الفعل دون أن يجروا فيه صور هذا التنازع، على طريقتهم في الإضمار. وقد استمرّ ابن مضاء يعرض هذه الصور ليدل على ما صنعوه في أساليب اللغة من تعقيد، وإنه ليعرض للدلالة على ذلك صور التنازع التي يذكرونها في باب ظن وأعلم، فظن مثلا يجري فيها التنازع على هذا الشكل: (ظننت وظناني شاخصا الزيدين شاخصين) وأما أعلم التي تتعدى إلى ثلاثة مفاعيل، فشأنها في الإضمار أعقد وأعسر، إذ يجري فيها التنازع على هذا الشكل.

(أعملت وأعلمانيهما إياهما الزيدين العمرين منطلقين) ويعقب ابن مضاء على هذه الصورة وأمثالها بأنه لا يجوز أن تجري في الكلام؛ لأن العرب لم يستخدموها، وإنما هو عقل النحاة الذي يتعبهم لما يتصور من خطر نظرية العامل ذلك الخطر الذي جعلهم ينحازون عن صور أصلية في التعبير العربي إلى صور أخرى جديدة، صور نحوية لا تيسر كلامًا ولا تسهل حديثًا، بل تصعب الكلام وتعقده، وتحيله ألغازا عسيرة الحل. ( [١١٤] )

أي العاملين أولى بالتعليق في التنازع:

يقول ابن مضاء: " بين النحويين اختلاف في أي الفِعْلَين أولى أن تعلق به الاسم الآخر، فاختيار البصريين الثاني للجوار، واختيار الكوفيين للسبق، ومذهب البصريين أظهر؛ لأنه أسهل، فإنه ليس إلا حذف ما تكرر في الثاني، أو إضماره الأول على مذهبهم إن كان فاعلاً. والتعليق بالأول فيه إضمار كل ما تكرر من متعلقات الأول في الثاني، وتأخير المتعلقات بالأول بعد الثاني، وقد حملهم الجوار أن يقولوا (هذا جحر ضبٍّ خربٍ)) فيخفضون خرب وهو للجحر المتقدم. ( [١١٥] )

٣ رأي ابن مالك:

<<  <  ج: ص:  >  >>