كما عد السجلماسي الغلو والمبالغة أسلوباً بلاغياً يعطي النص الابداعي خصوصيته وجماله وحيويته، فضلاً عن أن السجلماسي قد ربط الغلو بالخروج عن الحقيقة اللغوية والوصف المباشر إلى المبالغة، وهذا ما يخلق نوعاً من الكذب الفني كما أسماه السجلماسي، ويعني هذا الغموض الفني الناشئ عن أساليب البلاغة. ولعل هذا الربط بين المبالغة أو الغلو والكذب يعد من أهم النتائج التي توصل إليها السجلماسي في إدراك أهمية الغموض بوصفه أساس الصناعة الشعرية وجوهرها. فالكذب هنا هو المستوى الفني في النص الناشئ عن أساليب البلاغة. يقول: "والغلو: وهو المدعو الافراط عند قوم في صناعة الاشتقاق، هو من قولهم: غلا في الأمر يغلو غلواً، وهو يرادف الإفراط، ثم نقل من ذلك الحد إلى علم البيان على ذلك الاستعمال والوضع، فيوضع فيه على الافراط في الاخبار عن الشيء والوصف له، ومجاوزة الحقيقة إلى المحال المحض، والكذب المخترع لغرض المبالغة، وبالجملة هو أن يكون المحمول ليس في طبيعته أن يصدق على الموضوع وليس في طبيعة الموضوع ولا في وقت ولا على جهة أن يصدق عليه المحمول، لكن إذا حمل عليه وأنزل خبراً عنه، ووضع وصفاً له لقصد المبالغة. واختيار هذا النوع من طرق البلاغة وأساليب البديع هو أمر بالإضافة والحكم غير المطلق من قبل أن لأهل هذه الصناعة فيه رأيين: فقوم –وهم الأكثرون- يرون أن الشريطة فيه وملاك أمره هو أن يتجاوز فيه حال نوعي الوجود العقلي والحسي إلى المحال والكذب والاختراع. وقوم يرون التوسط فيه آثر وأحمد وأفضل في الصناعة إحجاماً ورهبة للاختراع والكذب. ونقول: إن من أحب الوقوف على الأرجح من الرأيين، وعلى الأدخل في الأمر الصناعي، فليس به غنى عن الفحص عن موضوع الصناعة الشعرية فنقول: إن موضوع الصناعة الشعرية هو التخييل والاستفزاز والقول المخيل المستفز من قبل أن القضية الشعرية إنما تؤخذ من حيث التخييل والاستفزاز فقط. دون نظر إلى صدقها وعدم