الشاهد: " من " قد توضع للواحد والاثنين والجميع، وهنا وضعت للاثنين، قال ابن جني في الخصائص: وذلك قليل (٥٧) . والشاهد فيه عند سيبويه (٥٨) " يصطحبان " لأنه ثنى على معنى " من" فوقعت " من" هنا على الاثنين، وقد أخبر عنه وعن الذئب، فجعله ونفسه بمنزلتهما في الاصطحاب. وفرق بين " من " وصلتها بقوله يا ذئب، وساغ له ذلك، لأن النداء موجود في الخطاب، وإن لم يذكره، فإن قدرت " من " نكرة، ويصطحبان: في موضع الوصف كان الوصف بينهما أسهل وأقيس (٥٩) . والبيت للفرزدق (٦٠) ، وقد وصف أنه أوقد نارا، وطرقه الذئب، فدعاه إلى العشاء والصحبة.
كَصيب لَيْلَةٍ هَطِلِ (٦١)
(٢٢) سَيْبُكَ فِي القومِ حين تَذكُرهُ
الشاهد: الصيب: بمعنى المطر، وذلك في تفسير قوله تعالى:" أو كصيب من السماء ".
والسيب: العطاء.
ولم أعثر بصاحب هذا البيت.
وهو يشبه عطاءه في الناس بالمطر الكثير في ليلةٍ كثيرة المطر.
سقتكِ روايا المزن حين تَصُوبُ
(٢٣) فلا تفسدي بيني وبين مُغمّرٍ
الشاهد: تصوب، وذلك في معرض تفسيره لقوله تعالى: " أو كصيب من السماء " تقول العرب: صاب السهم يصوب إذا ذهب في انحطاط، وصابت السماء تصوب إذا أمطرت.
قال ابن هشام في السيرة النبوية (٦٢) " الصيب: المطر، وهو من صاب يصوب، مثل قولهم: "السيد " من ساد يسود، و" الميت " من: مات يموت، وجمعه صيائب، قال علقمة بن عبده، أحد بني ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن تميم: (٦٣)
صواعقُها لطيرهنّ ربيب
كأنهمُ صابت عليهم سحابة
وفيها:
سقتكِ روايا المزن حيث تصوبُ
فلا تَعْدلي بيني وبين مُغَمّرٍ
المغمر والغمير: الجاهل الذي لا يجرب الأمور كأن الجهل غمره واستولى عليه ".
وروايا المزن: ما حمل الماء منه.
والراوية: البعير يستقى عليه، ومعنى يصوب: يقصد وينزل.
وإن كان فيهم يفي أو يَبَرّ
(٢٤) يُهينون من حقَّروا شيئه