للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا إذا جعلت " ساء " من فعل المثل، ورفعت القوم بدلا ًمن المضمر فيه، وإن حولت فعله إلى " القوم " ورفعت " هم " به كان انتصابه على التمييز، يريد: ساء مثل القوم، فلما حولته إليهم خرج المثل مفسرا كما تقول:

قَرَّ بِهِ عَيْنَاً، وضاق به ذرعا، ومتى ما سقط التنوين من المميز انخفض بالإضافة.

وقد أجاز المبرد والفارسي وجماعة من النحويين اجتماع التمييز والمميز على جهة التأكيد. (٢٠٢)

وذكر المبرد في المقتضب (٢٠٣) في قول القائل: نعم الرجل رجلا ًزيد، فقوله " رجلا ً" توكيد لأنه مستغنى عنه بذكر الرجل أولا ً، وإنما هذا بمنزلة قولك: عندي من الدراهم عشرون درهماً، إنما ذكرت الدرهم توكيداً، ولو لم تذكره لم تحتج إليه، وعلى هذا قول الشاعر: فنعم ... البيت.

والبيت لجرير وصدره:

تزوّد مثلَ زادِ أبيك زادا

من قصيدة يمدح بها عمر بن عبد العزيز.

وأنشد في توضيح المثل في قوله تعالى " ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ". [الأعراف ١٧٩]

وَدَورُنا لِخَرابِ الدهرِ نبنيها

(٧٤) أمْوالُنا لِذوِي الميراثِ نَجْمَعُهَا

الشاهد: اللام في خراب: لام العاقبة، وهي دليل على إثبات معنى الصيرورة، وذلك مثل قوله تعالى " فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً " ولام ل" جهنم " الواردة في الآية الكريمة تسمى لام العاقبة أيضاً كما يقول المؤلف، إذ أخبر الله تعالى عما خلقهم له بعدما علم مصيرهم إليه (٢٠٦) .

ولستُ أرى حيّاً لحيٍّ يخلدُ

(٧٥) ألا كلّ مولودٍ فللموت يولدُ

الشاهد: لام " فللموت " والشاهد فيه كالشاهد في البيت الذي قبله.

والبيت لأبي العتاهية في ديوانه، وهو مطلع قصيدة في الزهد. (٢٠٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>