للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعل أقدم ما أثر من توقيع في تاريخ الأدب العربي ما كتب به أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – إلى خالد بن الوليد – رضي الله عنه – حينما بعث للصديق خطابًا من دومة الجندل يطلب أمره في أمر العدو، فوقع إليه أبو بكر:» ادن من الموت توهبْ لك الحياة « ( [٧٤] ) .

ثم شاعت التوقيعات في عهد عمر وعثمان وعلي – رضي الله عنهم -، لشيوع الكتابة، وامتد هذا الشيوع بصورة أوسع في عصر بني أمية.

ولذلك نلحظ أن التوقيعات فن أدبي نشأ في عصر صدر الإسلام، وليس صحيحًا ما ذهب إليه بعض مؤرخي الأدب العربي من أن التوقيعات فن أدبي عباسي، أخذه العباسيون من الفرس ( [٧٥] ) .

التوقيعات في عصر صدر الإسلام:

مرّ بنا أن التوقيعات عرفت في الأدب العربي أول ما عرفت في عهد أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، والسبب في ذلك شيوع الكتابة بعد أن أقبل المسلمون على تعلمها، وأصبح الذين يجيدونها يمثلون شريحة كبيرة. يضاف إلى ذلك استخدام الكتابة في تحبير الرسائل، وتبليغ أوامر الخليفة وتوجيهاته إلى الولاة والقواد في مختلف أنحاء الدولة الإسلامية.

ويعد الخليفة الراشد أبو بكر الصديق أول من استعمل التوقيعات في تاريخ الأدب العربي، وفي التاريخ الإسلامي، غير أنّ التوقيعات التي أثرتْ عنه ووصلت إلينا قليلة، لا نستطيع أن نبني عليها حكمًا أدبيًا.

واستخدم الخليفة الراشد عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – هذا الفن في مكاتباته لرجال الدولة من ولاة وقواد.

ومن توقيعاته أن سعد بن أبي وقَّاص – رضي الله عنه – كتب إليه من الكوفة – وكان واليًا عليها – يستأذنه في بناء دار الإمارة، فوقّع في أسفلِ كتابه:» ابن ما يُكِنُّكَ من الهواجِرِ، وأذى المطر) ( [٧٦] ) ، وفي روايةٍ (ابن ما يستر من الشمسِ، ويُكِنُ من المطر « ( [٧٧] ) .

ووقع في كتاب عمرو بن العاص:» كن لرعيتك كما تحبُّ أن يكونَ لك أميرُك « ( [٧٨] ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>