للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأثرت لعثمان بن عفان – رضي الله عنه – بعض التوقيعات، من ذلك أن نفرًا من أهل مصر كتبوا إليه يشكون مروان بن الحكم، وذكروا أنه أمر بوَجءِ ( [٧٩] ) أعناقهم، فوقع في كتابهم: {فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ} ( [٨٠] ) .

ووقع في قصة رجل شَكَا عَيْلةً ( [٨١] ) :» قد أمرنا لك بما يُقيمك، وليس في مالِ الله فَضْلٌ للمسرفِ « ( [٨٢] ) .

وما وصل إلينا من توقيعات الخليفة علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – أكثر مما بلغنا من توقيعات أبي بكر وعمر وعثمان؛ فمن توقيعاته ما وقَّع به إلى طلحة بن عبيد الله ( [٨٣] ) - رضي الله عنه –» في بيته يُؤْتى الحكم « ( [٨٤] ) .

وكتب الحسن أو الحسين إليه في شيءٍ من أمر عثمان - رضي الله عنه – فوقع إليه:» رأي الشيخ خيرٌ من مَشْهدِ الغلام « ( [٨٥] ) .

ووقع في كتاب سلمان الفارسي – وكان سأله كيف يُحاسب الناسُ يوم القيامة –» يحاسبون كما يرزقون « ( [٨٦] ) .

ووقع في كتاب أتاه من الأشتر النخعي ( [٨٧] ) فيه بعض ما يكره» مَنْ لك بأخيك كله ( [٨٨] ) ؟! «.

ووقع في كتابٍ لصعصعةَ بن صُوحانَ ( [٨٩] ) يسألُه في شيءٍ:» قيمة كل امرئٍ ما يحسن « ( [٩٠] ) .

وكتب إليه الحُضَيْن بن المنذر ( [٩١] ) في صفين يذكر أن السيف قد أكثر في ربيعة، وبخاصةٍ في أسرى منهم، فوقع إليه:» بقيةُ السيفِ أنمى عددًا « ( [٩٢] ) .

ونلحظ أن التوقيعات التي أثرت عن الخلفاء الراشدين ووصلت إلينا تمتاز ببلاغة الأداء ووجازة التعبير، وموافقتها للصواب. وقد يكون التوقيع يوقع به الخليفة آية قرآنية، أو مثلاً سائرًا أو حكمة، أو قولاً بليغًا يجري مجرى الحكمة أو المثل.

ولكن ينبغي أن نقرر حكمًا وهو أن التوقيعات في عصر صدر الإسلام تعد قليلة جدًا إذا ما قورنت بالتوقيعات في العصور التالية، وربما يعزى السبب إلى أن هذا الفن الأدبي لا يزال آنذاك في بداية نشأته.

التوقيعات في العصر الأموي:

<<  <  ج: ص:  >  >>