للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعد التوقيعات في العصر الأموي امتدادًا طبعيًا لها في عصر صدر الإسلام، بعد أن عرفت واستعملت، وغدت في العصر الذي نتحدث عنه فنًا أدبيًا، حيث اعتاد كل خليفة أموي أن يوقع على الرسائل التي ترد إليه بعد أن يطلع عليها ويعرف مضمونها، ووصلت إلينا نماذج كافية لتوقيعات خلفاء بني أمية ابتداءً من معاوية بن أبي سفيان، وانتهاءً بمروان بن محمد آخر خلفاء الدولة الأموية في المشرق. ولم يقتصر فن التوقيعات على الخلفاء فقط، بل مارسه بعض الأمراء والولاة والقواد، كزياد بن أبيه، والحجاج بن يوسف الثقفي. ولا يتسع المجال لإيراد كل ما نعرفه من توقيعات الأمويين، وحسبي أن أشير إلى نموذج أو أكثر لكل خليفة وصل إلينا شيء من توقيعاته، ولكل أمير أو والٍ أثرت عنه توقيعات..

وقع معاوية بن أبي سفيان في كتاب:» نحن الزمان من رفعناه ارتفع، ومن وضعناه اتضع « ( [٩٣] ) .

وكتب إليه الحسن بن علي – رضي الله عنهما – كتابًا أغلظ له فيه القولَ فوقع إليه:» ليت طولَ حلمنا عنك لا يدعو جهلَ غيرِنا إليك « ( [٩٤] ) .

وكتب إليه ربيعة بن عِسْلٍ اليربوعي ( [٩٥] ) يسأله أن يعينه في بناء داره بالبصرة باثني عشر ألف جذع، فوقع إليه:» أدارك في البصرة أم البصرةُ في دارك؟ « ( [٩٦] ) .

وكتب عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ( [٩٧] ) إلى يزيد بن معاوية يستميحه لرجال من خاصته، فوقع إليه:» احكم لهم بآمالهم إلى منتهى آجالهم «، فحكم عبد الله بن جعفر بتسع مئة ألف، فأجازها يزيد ( [٩٨] ) .

وكتب إليه عبد الله بن جعفر يستوهبه جماعة من أهل المدينة، فوقع إليه:» مَنْ عرفتَ فهو آمن « ( [٩٩] ) .

وكتب الحجاج بن يوسف الثقفي إلى عبد الملك بن مروان يخبره بسوء طاعة أهل العراق، وما يقاسي منهم، ويستأذنه في قتل أشرافهم، فوقع له:» إنّ من يُمْنِ السائسِ أن يُتَأَلَّفَ به المختلفون، ومن شؤمِه أن يختلفَ به المؤتلفون « ( [١٠٠] )

ووقع في كتاب:

<<  <  ج: ص:  >  >>