ولمروان بن محمد آخرِ خلفاء الدولة الأموية توقيعات مأثورة ( [١١٨] ) .
ولزياد بن أبيه والحجاج بن يوسف الثقفي توقيعات عدة ( [١١٩] ) ،
فمن توقيعات زياد أن عائشة – رضي الله عنها – كتبت إليه في وُصَاةٍ برجل، فوقع في كتابها:» هو بين أبويه « ( [١٢٠] ) . ووقع في قصة سارق:» القطع جزاؤك « ( [١٢١] ) .
ومن توقيعات الحجاج ما وقع به في قصة محبوس ذكروا أنه تاب:(ما على المحسن من سبيل)( [١٢٢] ) .
ازدهار التوقيعات في العصر العباسي:
والحقّ أن التوقيعات الأدبية لم يكتب لها حظّ من الذيوع والانتشار إلا في العصر العباسيّ، وذلك حينما ازدهرت الكتابة الفنية، وتعددت أغراضها، وحلت محل الخطابة في كثير من شؤون الدولة وقضاياها، وأصبح الكاتب البليغ مطلبًا من مطالب الدولة تحرصُ عليه وتبحث عنه، لتسند إليه عمل تحرير المكاتبات، وتحبير الرسائل في دواوينها التي تعدّدت نتيجة لاستبحارها، واتساع نطاقها، وكثرة ما يجبى من الخراج من الولايات الإسلامية الكثيرة المتباعدة، وأصبح لا يحظى بالوزارة إلا ذوو الأقلام السيالة من الكتاب والبلغاء المترسلين كالبرامكة، والفضل بن الربيع، والفضل والحسن ابني سهل، وغيرهم من الكتاب الذين جمعوا بين الوزارة والكتابة الأدبية البليغة. وقد ألم بكثير من أخبارهم وآثارهم كتاب الوزراء والكتاب لأبي عبد الله محمد ابن عبدوس الجهشياري المتوفى سنة ٣٣١هـ، وكتاب تحفة الوزراء المنسوب لأبي منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي المتوفى سنة ٤٢٩هـ.
بل إن الخلفاء العباسيين في العصر العباسي الأول (١٣٢ – ٢٣٢هـ) كانوا يطّلعون على ما يرد إليهم من كتب ورسائل فيوقعون عليها، وصدرت عنهم توقيعات بليغة وصل إلينا منها قدر لا بأس به ( [١٢٣] ) .