لقد اتضح لنا أن العلوم الطبيعية تشكل وحدة واحدة جذرها الفيزياء والكيمياء وتتفرع منها علوم الحياة وعلم النفس. الفيزياء والكيمياء يبحثان المادة في صورتها الأولى البسيطة، وعلم الحياة وعلم النفس يتناولان المادة في صورتها المعقدة ( [٧٩] ) .
وهذه العلوم الطبيعية تقوم على عدد من الأسس هي:
١ - وحدة الكون أو وحدة العلوم. ولهذا يقولون:((إن الوحدة الحقيقية للعالم تنحصر في ماديته)) ( [٨٠] ) .
٢ - الميكانزم ويعني أن الكون آلة ضخمة، وأن سلوك الإنسان وظيفة من وظائف الميكانزم يمكن معرفته وتفسيره من الكائن ذاته.
٣ - الإجرائية: وتعني صحة النظرية العلمية القائمة على الإجراء.
٤ - الحتمية: فكل معلول ناتج عن علة ( [٨١] ) .
مدارس علم النفس
وفي ظل هذا التصور الكوني للعالم والحياة نشأ التصور الخاص بالإنسان في علم النفس الغربي من خلال مدرستين اثنتين هما:
١ - السلوكية.
٢ - التحليل النفسي.
١ - السلوكية:
ظهرت السلوكية في علم النفس الأمريكي على يدي “ جون واطسون ”، الذي سعى إلى دراسة السلوك دراسة موضوعية ( [٨٢] ) متأثراً في منهجه بالمنهج التجريبي للعلم في القرن التاسع عشر الذي حصر الحقيقة في كل ما هو مادي، يمكن إدراكه بإحدى الحواس، ولما كان العقل غير ذلك جعلت السلوكية دراسة السلوك مقصورة على ما يمكن إدراكه وهو الحركة متخذة من نظرية “ الفعل المنعكس الشرطي ” في تجارب “ بافلوف ” على الكلاب سنداً لها وهي نظرية تتلخص في ما يسمى “ بالمثير والاستجابة ”، فهناك مثير يثير العقل فيحدث استجابة لدى الجسم، ولهذا كان الدماغ أشبه ما يكون بمحطة الاستقبال عند “ بافلوف ”، يستقبل الدوافع سواءً كانت دوافع حث، أم دوافع كف فتؤدي إما إلى التهيج وإما إلى القمع ونتيجة لهذا القمع الذي يحدث للدوافع يحصل تعديل في الشبكة العصبيّة في الدماغ ويتم ذلك بصورة آلية لا دخل للإنسان فيها ( [٨٣] ) .