للإيمان أثر كبير في توجيه الناس إلى الأخلاق الفاضلة، وقد يظن بعض الناس أن حسن الخلق من الصفات الجبلِّية التي لا مجال للتغيير فيها، ولا يمكن اكتسابها، فإن كان الإنسان مجبولاً على سوئها أو فقدها فإنه يبقى سيئ الخلق وهذا مفهوم خاطئ يحتاج إلى تصحيح، لأنه لو كانت الأخلاق لا تكتسب ولا تقبل التغيير لم يكن للخطب والمواعظ والإرشاد قيمة، ولم يكن للتربية والتهذيب معنىً، والحق أن لذلك أثراً في تهذيب الطباع والتربية على الأخلاق.
صحيح أن الإنسان إذا كان مجبولاً على حسن الخلق فإنه يبقى حسن الخلق، وخاصة إذا سعى إلى تحقيق ما جُبِل عليه في واقع حياته.
ولكن الشخص الذي لم يجبل على حسن الخلق فإنه يمكن أن يكتسب شيئاً بل أشياء من الأخلاق الحسنة، وإن لم يكن مجبولاً عليها، وهذا هو أثر الإيمان في توجيه الأخلاق، ومن الأدلة على ذلك:
١ إن الشرع الحكيم دعا الناس إلى الأخلاق الحسنة وأمرهم بها ورغبهم فيها، ولو لم يمكن اكتسابها لم يكن لدعوة الشرع إلى ذلك معنىً، ولم يكن فيه فائدة للوعظ والوصايا في ذلك، وقد سبقت أدلة كثيرة تحث على الأخلاق وترغب فيها.
يقول الراغب الأصبهاني:" ولو لم يكن كذلك لبطلت فائدة المواعظ والوصايا والوعد والوعيد والأمر والنهي، ولما جوز العقل أن يقال للعبد: لم فعلت؟ ولم تركت؟ وكيف يكون هذا في الإنسان ممتنعاً وقد وجدناه في بعض البهائم ممكناً"(١) .