واستعان فريق منهم بالمنهج الجدلي في الدفاع عن النصرانية أحياناً، وأحياناً في الهجوم على الإسلام حتى أن بعضهم وهو (يحي بن عدي) وضع رسالة مستقلة يوضح فيها للنصارى كيف يجادلون العربي المسلم في المسائل اللاهوتية وعيرها؛ كمسائل القضاء والقدر والتوحيد؛ وضعها على طريقة: إذا قال لك العربي كذا، فقل له كذا وكذا، وإذا سألك العربي عن كذا فأجبه بكذا وكذا. وكثرت المجادلات بين النصارى من جانب، والمسلمين من جانب آخر، وتطورت هذه المجادلات إلى عقد جلسات للمناظرات بين المسلمين وغيرهم أحياناً، وبين المسلمين بعضهم بعضاً أحياناً أخرى، وكان كل فريق يستعين بما يملك من فنون القول ومن الدلائل والحجج (١) .
ومن هنا قويت الرغبة في تعلم المنطق والفلسفة اليونانية للاستعانة بها في تلك المناظرات والمجادلات.
وقد ساعد على ذلك تشجيع بعض خلفاء الدولة العباسية، ودخول بعضهم كأطراف في تلك المجادلات والمناظرات أحياناً.
وهكذا تعددت الجهات التي قامت على ترجمة كتب المنطق والفلسفة اليونانية في بلدان العالم الإسلامي مما أدى إلى انتشار المنطق اليوناني ورواجه بين طوائف من المسلمين.
وهو ما يعني عزل نصوص الوحي المعصوم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه من كتاب الله وسنة رسوله محمد (عن أن تكون مصدراً للهداية والنور والعلم والمعرفة للبشرية كلها في كل زمان ومكان، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
(١) يراجع في ذلك: د/ محمد الجليند: نظرية المنطق بين فلاسفة الإسلام واليونان، ص ٣٤-٣، الطبعة الأولى، ١٩٨٤م.