للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا أمر في غاية الخطورة، وقد ظهر أثره عند كثير من المتكلمين المنتسبين للإسلام حيث تجرءوا وتبجحوا فجعلوا دعاوى أفكارهم، ومزاعم أذهانهم، مما يسمونه بالأدلة العقلية والتي يصفونها بأنها القواطع العقلية؛ تعارض ما أسموه بالظواهر السمعية، ويعنون بها أدلة القرآن العظيم والسنة، ولم يكتفوا بذلك بل قدموا قواطعهم العقلية المزعومة على نصوص الوحي المعصوم من الكتاب والسنة عند ذلك التعارض المزعوم.

ثانياً: علاقة القياس المنطقي بالمنطق اليوناني ومنزلته فيه:

الكلام عن القياس المنطقي إنما يمثل الكلام عن أهم مباحث المنطق اليوناني المعروف بمنطق أرسطو طاليس.

فالقياس هو الجزء الجوهري من منطق أرسطو (١) .

يقول ابن خلدون في مقدمته عن أرسطو واضع علم المنطق: "وكتابه المخصوص بالمنطق يسمى (الأورجانون) ومعناه بالعربية الإله، وهو يشتمل على ثمانية كتب: أربعة منها في صور القياس وأربعة في مادته.

وذلك أن المطالب التصديقية على أنحاء: فمنها ما يكون المطلوب فيه اليقين بطبعه، ومنها ما يكون المطلوب فيه الظن، وهو على مراتب. فينظر في القياس من حيث المطلوب الذي يفيده، وما ينبغي أن تكون مقدماته بذلك الاعتبار ومن أي جنس يكون؟ من العلم، أو من الظن، وقد ينظر في القياس لا باعتبار مطلوب مخصوص، بل من جهة إنتاجه خاصة، ويقال للنظر الأول؛ إنه من حيث المادة، ونعني به المادة المنتجة للمطلوب المخصوص من يقين أو ظن.

ويقال للنظر الثاني؛ إنه من حيث الصورة وإنتاج القياس على الإطلاق، فكانت لذلك كتب المنطق الثمانية:

الأول: في الأجناس العالية التي ينتهي إليها تجريد المحسوسات، وهي التي ليس فوقها جنس، ويسمى: كتاب المقولات.

والثاني: في القضايا التصديقية وأصنافها، ويسمى كتاب العبارة.


(١) ... د/ علي سامي النشار: مناهج البحث عند مفكري الإسلام، ص٥٥، الطبعة الثانية، نشر دار المعارف ١٩٦٧م.

<<  <  ج: ص:  >  >>