والثالث: في القياس وصورة إنتاجه على الإطلاق، ويسمى كتاب القياس، وهذا آخر النظر من حيث الصورة.
ثم الرابع: كتاب البرهان، وهو النظر في القياس المنتج لليقين، وكيف يجب أن تكون مقدماته يقينية، ويختص بشروط أخرى لإفادة اليقين مذكورة فيه؛ مثل كونها ذاتية وأولية وغير ذلك. وفي هذا الكتاب الكلام في المُعرِّفات والحدود، إذ المطلوب فيها إنما هو اليقين لوجوب المطابقة بين الحد والمحدود لا تحتمل غيرها، فلذلك اختصت عند المتقدمين بهذا الكتاب.
والخامس: كتاب الجدل، وهو القياس المفيد قطع المشاغب، وإفحام الخصم، وما يجب أن يستعمل فيه من المشهورات. ويختص أيضاً من جهة إفادته لهذا الغرض بشروط أخرى، من حيث إفادته لهذا الغرض، وهي مذكورة هناك.
وفي هذا الكتاب يذكر المواضع التي يستنبط منها صاحب القياس قياسه وفيه عكوس القضايا.
والسادس: كتاب السفسطة، وهو القياس الذي يفيد خلاف الحق، ويغالط به المناظر صاحبه وهو فاسد.
وهذا إنما كتب ليعرف به القياس المغالطي فيحذر منه.
والسابع: كتاب الخطابة، وهو القياس المفيد ترغيب الجمهور وحملهم على المراد منهم، وما يجب أن يستعمل في ذلك من المقالات.
والثامن: كتاب الشعر، وهو القياس الذي يفيد التمثيل، والتشبيه خاصة، للإقبال على الشيء، أو النفرة عنه، وما يجب أن يستعمل فيه من القضايا التخيلية.
هذه هي كتب المنطق الثمانية عند المتقدمين" (١) .
قلت: فهذا النص الطويل من كلام العلامة ابن خلدون يبين العلاقة الوثيقة بين المنطق والقياس؛ فالمقصود من المنطق كله الحد والقياس. والقياس هو المطلوب الأعظم.
الفصل الأول: المنطق اليوناني وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: مقدمة منطقية
المبحث الثاني: التصورات
المبحث الثالث: التصديقات
توطئة:
(١) ... عبد الرحمن بن محمد بن خلدون: مقدمة ابن خلدون، ج٣، ص ١١٣٨-١١٣٩، الطبعة الثالثة، دار نهضة مصر للطبع والنشر، تحقيق د/ علي عبد الواحد وافي.