أقالوا:((يجلس ولا يصلي)) ؛ لأنه معنى يمنع من استماع الخطبة، (١٤٣) والواجب الاستماع (١٤٤) ؛ لما تقدم من الآثار المستدل بها قبل قليل، وهذا فعل يخل بفرض الاستماع (١٤٥) ، فوجب أن يكون ممنوعاً منه كالكلام (١٤٦) ، فالركوع يُشغِله عن استماع الخطبة، فكره كركوع غير الداخل (١٤٧) .
ب ولأن كل من حضر الخطبة كان ممنوعاً من الصلاة كالجالس إذا أتى بتحية المسجد (١٤٨) .
ج إنا رأيناهم لا يختلفون أن من كان في المسجد قبل أن يخطب الإمام فإن خطبة الإمام تمنعه الصلاة، فيصير بها في غير موضع صلاة. فالنظر على ذلك أن يكون كذلك داخل المسجد والإمام يخطب داخلاً له في غير موضع صلاة، فلا ينبغي أن يصلي. وقد رأينا الأصل المتفق عليه: أن الأوقات التي تمنع من الصلاة، يستوي فيها من كان قبلها في المسجد، ومن دخل فيها المسجد في منعها إياهما من الصلاة. فلما كانت الخطبة تمنع من كان قبلها في المسجد عن الصلاة، كانت كذلك أيضاً تمنع من دخل المسجد بعد دخول الإمام فيها من الصلاة.
... فهذا هو وجه النظر في ذلك. (١٤٩)
المبحث الثالث: القول الثالث، والقائل به، ودليله
هو بالخيار، إن شاء صلى وإلا فلا.
وهو قول: أبي مِجْلَز لاحق بن حُميدٍ البصري. (١٥٠)
وذلك أنه قد روي عن أبي مِجْلز أنه قال:" إذا جئت والإمام يخطب يوم الجمعة فإن شئت ركعت ركعتين، وإن شئت جلست". (١٥١)
ويمكن أن يستدل لأبي مجْلَز بأن هذا جمع بين الأدلة؛ فقول أبي مجلز:" إن شئت ركعت ركعتين " لأدلة القول الأول من السنة والأثر والمعقول. وقوله:" وإن شئت جلست " أي ولم تصل الركعتين لأدلة القول الثاني من القرآن والسنة والأثر والمعقول، فقال بجميع هذه الأدلة، وهو الخيار في الركعتين وحالتنا.