للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما المالكية فإنهم لا يشترطون ذلك ولهذا للزوجة حق طلب التفريق للغيبة سواء أكانت لعذر أو لغير عذر (١) .

الترجيح:

الناظر إلى المسألة بعين بصيرة يجد أنها تدور بين حق الرجل وحق المرأة فالحنابلة عندما فرقوا بين الغيبة للعذر والغيبة لغير العذر قالوا بذلك من أجل أن لايتضرر الزوج، فإذا غاب من أجل طلب الرزق له ولأولاده أو لطلب العلم ونحو ذلك لا يفرق بينهما وإن طلبته الزوجة.

أما إذا كان سفره لغير حاجة أو بدون عذر كالسياحة مثلاً فإن الزوجة تجاب إلى طلب التفريق؛ لأنه ليس له عذر في غيابه.

أما المالكية فإنهم نظروا إلى تضرر الزوجة من غياب زوجها ولو كان غيابه لعذر، فإذا طلبت الزوجة التفريق فإنها تجاب إلى طلبها خشية عليها من الضرر وهو الوقوع في الحرام.

فالزوج معذور فيما بينه وبين اللَّه عندما تكون غيبته لعذر، ولكن للزوجة حقاً في التفريق.

لذا فإني أميل إلى ترجيح قول المالكية عملاً بالقواعد الفقهية " درء المفاسد مقدمٌ على جلب المصالح "، " والضرر يزال "، و " ارتكاب أخف الضررين" (٢) .

خاصة وأن المالكية يرون أنه لا يفرق بينهما للغيبة إلا إذا كانت الغيبة طويلة حددوها في المعتمد عندهم بسنة (٣) .

وهذا كافٍ للزوج في قضاء مصالحه في غيبته، فإن زادت عن ذلك فيكون التفريق مراعاة لمصلحة المرأة ودفع الضرر عنها، واللَّه أعلم.

القسم الثالث: ما اشترطه المالكية والحنابلة واختلفوا فيه:

٦/١ - أن تكون غيبة الزوج طويلة:


(١) انظر: مصادر المالكية السابقة فإنهم لم يذكروا هذا الشرط عند ذكرهم لشروط التفريق بين الزوجين للغيبة وانظر أيضاً الموسوعة الكويتية ٢٩/٦٤، والفقه الإسلامي وأدلته ٧/٥٣٣، والفرقة بين الزوجين وأحكامها في مذهب أهل السنة ص٢٩٥، والأحوال الشخصية لمحمد أبو زهرة ص٤٢٩.
(٢) انظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم ص٨٥ وما بعدها.
(٣) انظر تفصيل المسألة في الشرط التالي.

<<  <  ج: ص:  >  >>