للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاشترط المالكية والحنابلة للتفريق بين الزوجين للغيبة أن تكون الغيبة طويلة ولكنهم اختلفوا في تحديد مدة هذه الغيبة.

فذهب المالكية (١) ، في المعتمد عندهم إلى أن هذه المدة سنة وللفرياني وابن عرفة من المالكية أن السنتين والثلاث ليست بطول بل لابد من الزيادة عليها.

وذهب الحنابلة إلى (٢) أن توقيت هذه المدة ستة أشهر.

قال ابن قدامة (٣) : " ... فإن أحمد ذهب إلى توقيته بستة أشهر، فإنه قيل له: كم يغيب الرجل عن زوجته؟ قال: ستة أشهر، يكتب إليه فإن أبى أن يرجع فرق الحاكم بينهما ... " اهـ.

واستدل الحنابلة لهذا التوقيت بما أخرجه سعيد بن منصور (٤) ، والبيهقي (٥) ، عن زيد بن أسلم قال: بينما عمر بن الخطاب يحرس المدينة فمر بامرأة في بيتها وهي تقول:

تطاول هذا الليل واسود جانبه وطال على أن لا خليل أُلاعبه

ووالله لولا خشية الله وحده ... ... لحُرِّك من هذا السرير جوانبه

فسأل عنها عمر، فقيل له: هذه فلانة، زوجها غائب في سبيل الله فأرسل إليها امرأة تكون معها، وبعث إلى زوجها فأقفله، ثم دخل على حفصة، فقال: يا بنية، كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: سبحان الله، مثلك يسأل مثلي عن هذا ‍‍ فقال: لولا أني أريد النظر للمسلمين ما سألتك. قالت: خمسة أشهر أو ستة أشهر فوقّت للناس في مغازيهم ستة أشهر، يسيرون شهراً، ويقيمون أربعة، ويسيرون شهراً راجعين (٦) .

المبحث الرابع: نوع الفرقة للغيبة

اختلف الفقهاء الذين قالوا بجواز التفريق بين الزوجين للغيبة في نوع هذه الفرقة إلى قولين:

القول الأول:


(١) انظر: مصادر المالكية السابقة والمراجع المتقدمة.
(٢) انظر: مصادر الحنابلة السابقة.
(٣) المغني ١٠/٢٤٠، وانظر أيضاً: الشرح الكبير ومعه المقنع والإنصاف ٢١/٤٠٧.
(٤) في سنته ٢/١٧٤.
(٥) في السنن الكبرى " مختصرا" في كتاب السير، باب الإمام لا يجمر بالغزى ٩/٢٩.
(٦) وانظر هذه القصة في مصادر الحنابلة السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>