للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استدل الشافعية بهذه الأحاديث ويظهر أنهم حملوا النهي على ما دون التمييز (١) معللين ذلك بأن الولد يستغني عن الأم بعد هذه السن (٢) ويظهر أن المالكية يعللون بمثل تعليل الشافعية حيث قال ابن عبد البر معللاً لمذهبهم تأخير التفريق حتى يثغر أو يبلغ ثماني سنين. قال: وكان ممن يعرف القيام من نفسه بما يقوم به مثله (٣) .

أدلة القول الثالث:

استدل أهل هذا القول لمذهبهم القائل بأن النهي عن التفريق بين الوالدة وولدها يمتد أمد الحياة بما يلي:

١ بعموم الخبر (٤) ، أي حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه المتقدم أنه (قال: "لا توله والدة عن ولدها" وما ذكر معه من الأحاديث.

٢ أن الوالدة تتضرر بمفارقة ولدها الكبير ولهذا حُرِّم عليه الجهاد بدون إذنها (٥) .

الترجيح:

الذي يظهر لي أن التفريق بين الأمة وولدها بالبيع جائز بعد البلوغ لما مر من أدلة القول الأول، وغير جائز قبل التمييز لما مر من نقل الإجماع على منعه في المطلب الأول، أما ما بين التمييز والبلوغ فلم أستطع الجزم فيه بجواز التفريق أو عدمه وإن كان هناك ما قد يدل على الجواز إذ أنه يجوز التفريق بين الحرة وابنتها بالنكاح قبل البلوغ فيؤخذ منه جواز التفريق بين الأمة وابنتها بالبيع قبل البلوغ، وقد يجاب عنه بأن بين الأمرين فرقاً فالتفريق بالبيع فيه وحشة وتفريق على غير رغبة أما التفريق بالنكاح ففيه أنس وتفريق عن رغبة ومحبة من الأم والبنت جميعا فالله أعلم بالصواب.

المطلب الثالث: حكم التفريق بين العبد وولده في البيع:

اختلف أهل العلم في حكم هذه المسألة على ثلاثة أقوال:


(١) المهذب مع المجموع ٩/٣٦١، مغني المحتاج ٢/٣٨.
(٢) شرح السنة ٩/٣٣٥، المهذب مع المجموع ٩/٣٦١.
(٣) الكافي ١/٤٦٨.
(٤) المغني ١٣/١٠٩، البيان والتحصيل ٤/١٧٠.
(٥) المغني ١٣/١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>