للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما أدلة المالكية على جواز التفريق بين الرجل وابنه بالبيع فما رأوه من أنه لا دليل يمنع من ذلك إذ يقولون إنه لا نص فيه ولا هو في معنى المنصوص عليه وليس من أهل الحضانة بنفسه، وحملوا الأحاديث السابقة على عدم التفريق بين الوالدة وولدها دون الأب (١) .

الترجيح:

الذي يظهر لي أنه يحرم التفريق بين الوالد وولده بالبيع، وكون الحديث نص على عدم التفريق بين الأم وولدها لا يدل على جوازه بين الأب وولده؛ لأن السبب هو الشفقة والوله الحاصل بالتفرقة، وهذا يوجد بين الأب وابنه أيضا والفرق بين الأم والأب في ذلك يسير لا يعرج عليه قال الشاعر:

وإذا رحمت فأنت أمٌ أو أبٌ هذان في الدنيا هما الرحماء (٢) .

فلعل الحديث خص الأم بالذكر لمزيد شفقتها لا لجواز التفريق بين الأب وولده أو لعل السبب أن التفريق في الغالب إنما يحصل بين الأم وولدها من أجل أن الرجال البالغين المستأسرين غالباً يُقتلون أو يُفتدى بهم أسرى من المسلمين أو يُمنُّ عليهم وقل من يُسْتَرَقُّ منهم فلهذا جاء النص بذكر الأم فقط.

وبهذا يتلخص من هذا المبحث:

أنه لا يجوز التفريق بين الأم وولدها في البيع، وكذلك لا يجوز التفريق بين الأب وولده في البيع خلافاً لمن أجاز ذلك والله أعلم.

المطلب الرابع: إلى متى تمتد حرمة التفريق بينهما؟

بعد أن تبين في المطلب الثالث حرمة التفريق بين العبد وولده بالبيع وأنه كالأم في ذلك فهل يمتد منع التفريق مدى الحياة أم له حد ينتهي عنده؟

للجواب على ذلك أقول:

اختلف العلماء القائلون بالنهي عن التفريق بين العبد وولده في المدة التي ينتهي عندها المنع على أقوال ثلاثة:


(١) مواهب الجليل ٤/٣٧٠، المغني ١٣/١٠٩.
(٢) الشوقيات ١/ ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>