للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالنبي (قد باع المدبر لمّا علم أن صاحبه لا يملك شيئاً غيره وعلم حاجته (١) .

الترجيح:

يتلخص مما سبق أن الصواب جواز بيع المدبر كما هو القول الثاني لما يلي:

١- للسنة الصحيحة الثابتة بذلك ولثبوته من فعل عائشة رضي الله عنها ولم ينكر عليها أحد من الصحابة.

٢- أنه يعامل معاملة الوصية وللموصي أن يتصرف فيما أوصى به قبل أن يموت كيف شاء.

٣- أنه لا يوجد للمانعين ما يوجب الاستمساك به ولم يأتوا بجواب مقنع لأدلة المجيزين.

المطلب الثاني: حكم بيع المدبرة:

تقدم أن في صحة بيع المدبر خلافاً على أقوال أربعة:

أما بالنسبة للمدبرة فلم أجد من فرَّق بين حكمها وحكم المدبر في البيع إلا الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه حيث قال: لاتباع المدبرة (٢) ولهذا قال موفق الدين ابن قدامة: لا نعلم هذا التفريق بين المدبرة والمدبر عن غير إمامنا رحمه الله وإنما احتاط في رواية المنع من بيعها؛ لأن فيه إباحة فرجها وتسليط مشتريها على وطئها مع وقوع الخلاف في بيعها وحلها فكره الإقدام على ذلك مع الاختلاف فيه والظاهر أن هذا المنع منه كان على سبيل الورع لا على التحريم البات فإنه إنما قال: لا يعجبني بيعها؛ والصحيح جواز بيعها فإن عائشة باعت مدبرة لها سحرتها؛ ولأن المدبرة في معنى المدبر فما ثبت فيه ثبت فيها (٣) .

ولأنه تقدم في المطلب السابق أن النبي (قال: إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب ... إلى أن قال: فليبعها ولو بحبل من شعر. وهذا يعم الأمة المدبرة وغيرها ولهذا بوب له البخاري بقوله: باب بيع المدبر.

قلت: وبهذا يتلخص أنه يجوز بيع المدبر والمدبرة لحاجة ولغير حاجة ولا فرق بينهما في ذلك والله أعلم.

المبحث الخامس: عيوب البيع التي يختلف فيها العبيد والإماء:


(١) انظر المغني ١٤/٤١٩، ٤٢٠.
(٢) الإنصاف ٧/٤٣٨.
(٣) المغني ١٤/٤٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>