للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفتي)) ، لكني أحسبها نافعة كل النفع في ضبط العمل بمسائل الخلاف، وإليكها بالتفصيل:

أولاً: وزن كل مسألة شرعية خلافية بميزان الشريعة، وردها إلى

كتاب الله تعالى، وسنة رسوله امتثالاً لقوله تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ذلك خير وأحسن تأويلاً ( [النساء: ٥٩] والمعنى: رد النزاع والخصام إلى الكتاب والسنة، وهو قول جمهور المفسرين (١) ، ولو كان لأحد من الأئمة العصمة لأوجب رد ما تنازعوا فيه إليه، كما أوجب طاعتهم في صد الآية في قوله: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ( [النساء: ٥٩] .

واعلم علم اليقين أن هذا الضابط لا يخفى على مبتدئ في الطلب، فضلاً عن العلماء، ولكني أذكره تذكيراً لأن الالتزام به عسير إلا لمن يسره الله تعالى عليه، فنوازع النفوس، وحب الغلبة والظهور، والتعصب للآراء والمذاهب، كلها أدواء تجعل بينها وبين الحق حاجزاً، ورحم الله الشافعي إذ يقول:

((ما ناظرت أحداً إلا قلت اللهم أجر الحق على قلبه ولسانه، فإن كان الحق معي اتبعني، وإن كان الحق معه اتبعته)) (٢) .

ثانياً: أن لا يخالف الإجماع، أو القواعد، أو النص، أو القياس الجلي السالم عن المعارض، فلا يجوز الإفتاء به، ولا نقله للناس بل لو قضى القاضي على خلاف هذه المسائل الأربعة لجاز نقضه فإذا كنا لا نقر حكماً قضى به القاضي، فمن باب أولى أن لا نقره إذا لم يقض به. ولا يعرى مذهب من المذاهب عن هذه المخالفة لكنه قد يقل ويكثر، والأئمة معذورون، مغفور لهم خطؤهم (٣) .


(١) انظر: تفسير ابن كثير ٢ / ٣٤٥.
(٢) انظر: قواعد الأحكام ٢ / ٣٠٥.
(٣) انظر: الفروق ٢ / ١٠٩، نفائس الأصول ٩ / ٨٤١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>