للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد استفاضت شهرة مالك بإعظام حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشدة اتباعه، وتثبته فيما يروي عن النبي وحرصه على معرفة أقوال الصحابة والتابعين، ومما جاء في ذلك (٧٢) .

قال مالك:"إن هذا العلم -يعني الحديث- دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم، لقد أدركت سبعين ممن يحدث: قال فلان قال رسول الله، عند هذه الأساطين- وأشار إلى أعمدة مسجد رسوله الله - فما أخذت عنهم شيئا، وإن أحدهم لو أتمن على بيت مال لكان أمينا، لأنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن وفي لفظ:" ولم أترك الحديث عنهم لأنهم لم يكونوا ثقات فيما حملوا، إلا أنهم حملوا شيئا لم يعقلوه".

وسأله بشر بن عمر عن رجل، فقال مالك: هل رأيتة في كتبي؟ فقال بشر: لا. فقال مالك: لو كان ثقة لرأيته في كتبي.

وقال الشافعي: كان مالك إذا شك في الحديث طرحه كله.

وبهذا التثبت والعناية جاء الموطأ جم النفع، قال عبد الرحمن بن مهدي والشافعي، ما كتاب بعد كتاب الله أنفع للناس من موطأ مالك بن أنس (٧٣) وقال الشافعي:"ما كتاب بعد كتاب الله أكثر صوابا من كتاب مالك (٧٤) ".

وقد شفع مالك حسن عمله بحسن نيته وإخلاصه لله، فقد سأل مالك يوما بعض أصحابه: ما يقول الناس في موطئي؟ فقال: الناس رجلان: محب مطر وحاسد فقير. فقال مالك إن مد بك العمر فسترى ما يراد به الله (٧٥) .

ثانيا: طلب أبي جعفر المنصور تأليف الموطأ:

تدل الروايات التاريخية على أن أبا جعفر المنصور قد انغرست لديه فكرة توحيد القضاء في أرجاء الدولة على رأي يلزم به القضاة كافة لاسيما وأن أنباء اختلاف الأقضية الشديد قد تناهى إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>