للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الروايات تتعاضد في أن أصل الغرض من طلب المنصور من مالك أن يضع كتابا يدون فيه العلم ويجعله علما -أي قولا -واحدا، كان سياسيا، وهو توحيد القضاء على رأي واحد، وهو ما طلبه المهدي ثم الرشيد من مالك بعد ذلك.

وورد أن أبا جعفر المنصور قال لمالك:"ضع هذا العلم ودونه، ودون منه كتبا، وتجنب شدائد عبد الله بن عمر، ورخص عبد الله بن عباس، وشواذ عبد الله بن مسعود، واقصد إلى أواسط الأمور وما اجتمع عليه الأئمة والصحابة، ولنحمل الناس-إن شاء الله- على علمك وكتبك، ونبثها في الأمصار، ونعهد إليهم ألايخالفوها ولا يقضوا بسواها. فقال مالك " أصلح الله أمير المؤمنين، إن أهل العراق لا يرضون علمنا، ولا يرون في عملهم رأينا. فقال أبو جعفر: يحملون عليه، ونضرب عليه هاماتهم بالسيف، ونقطع طي ظهورهم بالسياط، فتعجل بذلك وضعها، فسيأتيك محمد المهدي ابني العام القابل-إن شاء الله -إلى المدينة ليسمعها منك، فيجدك قد فرغت من ذلك" (٧٩) .

وذكر المنذري أن أبا جعفر قال لمالك:"لم يبق في الناس أفقه مني ومنك وقد شغلتني الخلافة، فضع للناس كتابا ينتفعون به، وتجنب رخص ابن مسعود (٨٠) .

وفي رواية:"يا أمير المؤمنين، قد رسخ في قلوب أهل كل بلد ما اعتقدوه وعملوا به، ورد العامة عن مثل هذا عسير (٨١) .

وتدل هذه الرواية على أن أبا جعفر وتقنين الأحكام الشرعية بحيث يستقر القضاء في كل مسألة خلافية على مايراه مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>