للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبين القرآن الكريم أن ترك الحج وجحده كفر.

ولذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (من أطاق الحج فلم يحج فسواء عليه مات يهودياً أو نصرانياً) (١) .

ولذا قال تعالى: {ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} .

قال ابن سعدي رحمه الله: (فمن أذعن لذلك وقام به فهو من المهتدين المؤمنين، ومن كفر، فلم يلتزم حج بيته، فهو خارج عن الدين، ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) (٢) .

وقال السيوطي في الإكليل عند ذكره لهذه الآية:

(واستدل بظاهرها ابن حبيب على أن من ترك الحج وإن لم ينكره كفر) (٣) .

وقال القاسمي: (هذه الآية الكريمة حازت من فنون الاعتبارات المعربة عن كمال الاعتناء بأمر الحج والتشديد على تاركه مالا مزيد عليه، فمنها: الاتيان باللام وعلى في قوله: ولله على الناس حج البيت، يعني أنه حق واجب لله في رقاب الناس لا ينفكون عن أدائه والخروج عن عهدته.

ومنها: أنه ذكر الناس ثم أبدل منه من استطاع إليه سبيلا.

وفيه ضربان.... ثم ذكرهما.

ومنها قوله: ومن كفر مكان من لم يحج تغليظاً على تارك الحج.

ومنها: ذكر الاستغناء عنه، وذلك مما يدل على المقت والسخط والخذلان) (٤) .

ولا شك أن هذا من عظم هذه العبادة، وعلو منزلتها في الدين، ورفعة مكانتها، ولو لم تكن كذلك لما ترتب الكفر على تاركها مع القدرة على الإتيان بها.

٣ - اشتراك الشرائع السابقة فيه:

وقد أخبر النبي (بأن الأنبياء قد قصدوه، فقال: (ما من نبي إلا وقد قصد البيت إلا ما كان من هود وصالح.....) كما في سنن البيهقي (٥/١٧٧) ، ومع توالي السنين انهدم فجدده إبراهيم وإسماعيل كما في قوله: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت} (٥) .


(١) المرجع السابق، وقال: اسناده صحيح إلى عمر.
(٢) ابن سعدي، تفسير كلام المنان، ١/٤٠٣.
(٣) السيوطي، الأكليل، ص ٧١.
(٤) القاسمي، محاسن التأويل، ٤/٩٠٩.
(٥) سورة الحج (٢٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>