للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى بوأنا أخبرنا بموضعه الذي كان موجوداً فيه.

وأخبر أنه أقامه، فقال: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا} (١) .

وغيرها من الآيات الدالة على أنه كان موجوداً ومحجوجاً مقصوداً ولذا كان البيت معظماً عند العرب، بل تعده فخرها وعزها.

وقد ورد في التاريخ ما أحدثوا في الحج من البدع والمنكرات مما ليس موجوداً في الدين كالطواف عراة والوقوف في مزدلفة بدلاً من عرفه وغير ذلك، حتى حج الرسول (في السنة العاشرة وأعاد مناسك الحج إلى ما كانت عليه في عهد إبراهيم عليه السلام.

٤ - تطهير مكانه من الشرك:

كما قال تعالى: {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} . فتطهير تلك البقعة المباركة من آثار الشرك والمشركين وتحريمها عليهم، وتحريم دخولهم ومرورهم بحماها فيه من تعظيم هذه العبادة ما لا يخفى، ليقوم بها المسلمون في أمن، ولتكون خالصة لهم. ولذا أرسل الرسول (أبا بكر وعلي وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم في السنة التاسعة من الهجرة وأمرهم بأن ينادوا [ألا لا يحج بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان] (٢) .

فنادوا بذلك في أيام الحج، وعرف الناس جميعاً هذا الأمر، فلم يطف بالبيت عريان بعد هذا النداء، ولم يحج المشركون في عامهم القابل وما بعده، ولذا حج رسولنا (سنة عشر للهجرة.

فكون هذه العبادة تؤدى في هذه البقعة المقدسة الطاهرة وتهيأة هذا المكان لها على هذه الصفة، مما يزيد في مكانتها في النفوس، ويبين عظم منزلتها في الدين.

٥ - ومن مكانة الحج في القرآن العظيم أن توعد من أحدث في مكانه ظلماً بالعذاب الأليم. كما في قوله تعالى: {إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب


(١) سورة البقرة (١٢٧)
(٢) أخرجه البخاري، ح/٣٦٩، ١٦٢٢، والإمام مسلم ٨/١٤٦

<<  <  ج: ص:  >  >>