للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أنها حُذفت مباشرة دون إبدال؛ وذلك لاستثقال الجمع بين همزتين، ولأنَّه حصل بها الثقل، ولثبوت حذفها في المضارع.

والثاني: أنها أُبدلت ألفاً، ثم حُذِفت؛ لالتقاء الساكنين.

والثالث: أنها أبدلت ياء، ثم حُذِفت؛ لالتقاء الساكنين كذلك (١) والأول عنده هو الظاهر.

وحذف الهمزة في "أَرَأَيْتَ" وفروعه له صلة كما يبدو بحذف الهمزة في مضارعه "أَرَى"، وترَى، ونَرَى، ويَرَى، ونحو ذلك.

يقول الخليل ت (١٧٥هـ) : "واعلم أنَّ ناساً من العرب لمّا رأوا همزة "يرى" محذوفة في كل حالاتها حذفوها أيضاً من "رأى" في الماضي، وهم الذين يقولون: "رَيْتُ" (٢) .

وقراءة " أَرَيْتَ" بحذف الهمزة ليست بالاختيار عند الزمخشري ت (٥٣٨ هـ) "لأنَّ حذفها مختصٌّ بالمضارع ولم يصحَّ عن العرب "رَيْتَ" ولكن الذي سَهَّلَ من أمرها وقوع حرف الاستفهام في أول الكلام" (٣) .

وأرى أنَّ اختيار الزمخشري قراءة معيَّنة، وتركه أخرى، أو تفضيله قراءة على أخرى فيه نظر؛ إذ لا تفاضل بين القراءات المتواترة، فالقراءة سُنَّة مُتَّبعة.

والذي يظهر لي أنَّه لو قال: ولغة " أَرَيْتَ" بحذف الهمزة ليست بالاختيار لكان ذلك أولى؛ خاصة أنَّه نصَّ على أنَّ حذفٍ الهمزة في هذه القراءة غير قياسي، إذ يقول: " (أَرَيْتُمْ) بحذف الهمزة ليس بحذفٍ قياسّي". (٤)

وقول الزمخشري: "ولم يصحّ عن العرب "رَيْتَ" في نصّه السابق - فيه نظر؛ إذ ذكر الخليل أنَّ "بعض العرب تقول: رَيْتَ بمعنى "رَأَيْتَ" (٥) ومن حفظ حجَّة على من لم يحفظ كما هو مشهور.


(١) السمين الحلبي، الدر المصون، ٤/٦١٧.
(٢) الخليل بن أحمد، العين، تحقيق مهدي المخومي وإبراهيم السامرائي، بيروت، منشورات، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ٨/٣١٠.
(٣) أبو القاسم الزمخشري، الكشاف، الرياض، مكتبة المعارف، بيروت، دار المعرفة، (د. ت) ، ٤/٢٣٦.
(٤) السابق.
(٥) الخليل بن أحمد، العين، ٨/٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>