للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستدلُّ أبو البقاء العكبري ت (٦١٦ هـ) على أنَّ "الكاف" في "أَرَأَيْتَك" حرفُ خطاب جيء به للتأكيد، وليست اسماً ب "أنَّها لو كانت اسماً لكانت إمَّا مجرورة وهو باطل؛ إذ لا جارَّ هنا، أو مرفوعة وهو باطل أيضاً؛ لأمرين: أحدهما أنَّ الكاف ليست من ضمائر المرفوع، والثاني: أنه لا رافع لها؛ إذ ليست فاعلاً؛ لأنَّ التاء فاعل، ولا يكون لفعلٍ واحد فاعلان. وإمَّا أن تكون منصوبة وذلك باطلٌ لثلاثة أوجه: أحدها: أنَّ هذا الفعل يتعَّدى إلى المفعولين كقولك: أَرَأَيْتَ زيدا ما فعل، فلو جعلت الكاف مفعولاً لكان ثالثاً، والثاني أنَّه لو كان مفعولاً لكان هو الفاعل في المعنى، وليس المعنى على ذلك؛ إذ ليس الغرض أَرَأَيْتَ نَفْسَكَ، بل أَرَأَيْتَ غَيْرَكَ، ولذلك قلت: أَرَأَيْتَكَ زيداً، و (زيدٌ) غير المخاطب، ولا هو بدل منه، والثالث: أنَّه لو كان منصوباً على أنه مفعول لظهرت علامة التثنية، والجمع، والتأنيث في التاء فكنت تقول: أَرَأَيْتُماكُما، وأَرَأَيْتُمُوكُم، وَأَرَأْيتُنَّكُنَّ" (١) .

أمَّا الكسائيَّ ت (١٨٩هـ) فيرى أنَّ الكاف في "أَرَأَيْتَك" في موضع نصب (٢) .

ويقول أبو حيان (٧٤٥هـ) : "ومذهب الكسائي أنَّ الفاعل هو التاء وأنَّ أداة الخطاب اللاحقة في موضع المفعول الأول " (٣) .


(١) العكبري، التبيان في إعراب القرآن، ١/٤٩٥.
(٢) أبو العباس ثعلب، مجالس ثعلب، ١/٢٦٠.
(٣) أبو حيَّان، البحر المحيط، ٤/١٢٥، وانظر ارتشاف الضرب له، ١/٥١٠ وممن عزا هذا المذهب إلى الكسائي أيضاً: السمين الحلبي، وابن هشام، والسيوطي، والجمل، والألوسي. انظر السمين الحلبي، الدر المصون، ٤/٦١٩، وابن هشام، مغني اللبيب، ص ٢٤٠، السيوطي، همع الهوامع، ١/٢٦٦، الجمل، الفتوحات الإلهية، ٢/٢٧، الألوسي، روح المعاني، بيروت، إدارة الطباعة المنيرية، دار إحياء التراث العربي، ط٤٣، ١٩٨٥م، ٧/١٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>