للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقبل الخوض في الخلاف بينهما، يطيب لي أن أُعرّف بهما بصورةٍ موجزةٍ.

أولاً: تعريفٌ موجزٌ بالخليل بن أحمد.

هو أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيديّ، الأزديّ، البصريّ، النّحويّ، اللُّغويّ. وفراهيد حَيٌّ من أَزْد عُمان.

يقال: إنّ أباه أوّلُ من سُميّ بأحمد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وُلد الخليل في البصرة سنة (١٠٠هـ) ، ونشأ فيها، غلب على حياته الفقر، كان يقيم في خُصٍّ له بالبصرة، لايقدر على فَلْسَين، والنّاس يقتاتون بعلمه الأموال، وهو يقتات من بستانٍ له خلفه عليه أبوه بالخُريْبة.

تلقى علومه على علماء عصره، فأخذ النّحو عن عيسى بن عمر الثقفيّ (١٤٩هـ) ، وأبي عمرو بن العلاء التيميّ المازنيّ (١٥٤هـ) .

وروى الحروف عن عاصم بن أبي النُّجود، وعبد الله بن كثير، وهو من المقلّين عنهما.

وحدّث عن أيوب بن أبي تميمة السَّخْتِياني، وعاصم الأحول، والعوَّام بن حَوْشب، وغالب القَطَّان.

كان الخليل في أوّل أمره إباضيًّا، فتحوّل عنه إلى مذهب أهل السُّنَّة، قال الأصمعيّ: كادت الإباضيّة تغلب على الخليل، حتى مَنَّ الله عليه بمجالسة أيوب.

كان سيد أهل الأدب قاطبة في علمه وزهده، وغايةً في تصحيح القياس، واستخراج مسائل النّحو وتعليله، وهو أوّل من استخرج العروض، وحصر أشعار العرب بها.

وكان أعلمَ النّاس وأذكاهم، وأفضلَ النّاس وأتقاهم، وكان من الزّهاد في الدنيا والمنقطعين إلى العلم.

وكان آيةً في الذكاء، وكان الناس يقولون: لم يكن للعرب بعد الصحابة أذكى منه ولا أجْمعَ، وهو مفتاح العلوم ومصرِّفها.

وكان – رحمه الله – يَحُجّ سنةً، ويغزو سنةً، حتى جاءه الموت.

ومن كلامه: أنّه قال: إن لم تكن هذه الطائفة – يعني أهل العلم – أولياء الله، فليس لله وليٌّ.

وقال: تربع الجهل بين الحياء والكِبْر في العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>