للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقفة الرابعة: ذهب أحمد بن فارس إلى أنّ القرآن الكريم ليس فيه شيءٌ من القلب المكانيّ فيما يظنّ، وهو نحْويٌّ على مذهب الكوفيين، وهم توسعوا في إثبات القلب المكانيّ، كما بيّنته سابقاً، قال ابن فارس: (ومن سُنن العرب القلب، وذلك يكون في الكلمة، ويكون في القصّة، فأمّا الكلمة فقولهم: جَذَب وجَبَذ، وبَكَل ولَبَك، وهو كثيرٌ، وقد صنّفه علماء اللّغة.

وليس من هذا فيما أظنّ من كتاب الله – جلّ ثناؤه – شيءٌ) (١) .

قال عضيمة معلّقاً على قول ابن فارس: (وقد رجعت لما أحصيته من قراءاتٍ للقرآن الكريم، فوجدت قراءاتٍ سبعيّة متواترة يتعيّن فيها القلب المكانيّ، وأُخرى تحتمل القلب المكانيّ وغيره، أو يكون فيها قلبٌ عند بعض الصرفيين ولا يكون عند الآخرين، كما وجدت قراءاتٍ أُخرى غير سبعيّة تجرى هذا المجرى) (٢) .

المبحث الرابع: اختلافهما في باب تداخل اللُّغات.

وفيه مطلبٌ هو: الخلاف بينهما في حكم تداخل اللُّغات.

من الظواهر اللُّغويّة والصرفية ظاهرة تداخل اللّغات، وذلك بأن يُؤخذ الماضي من لغةٍ، والمضارع أو الوصف من أُخرى لا تنطق بالماضي كذلك، فيحصل التَّداخُل والجمعُ بين اللغتين (٣) .

قال ابن يعيش: (والمراد بتداخل اللّغات أنّ قوماً يقولون: "فَضَل" بالفتح "يَفضُل" بالضّمّ، وقوماً يقولون: "فَضِل" بالكسر "يَفضَل" بالفتح، ثم كَثُر ذلك حتى استُعمِل مضارع هذه اللغة مع ماضي اللغة الأُخرى، لا أنّ ذلك أصلٌ في اللُّغة) (٤) .

إذاً: فما مفهوم التّداخُل في اللُّغة والاصطلاح؟


(١) ينظر الصاحبي ٣٢٩، وانظر المزهر ١/٤٧٦.
(٢) ينظر المغني في تصريف الأفعال ٤١، ٤٢.
(٣) ينظر الخصائص ١/٣٧٤، والمنصف ١/٢٠٨، ٢٥٦، والاقتراح ٦٧، والمزهر ١/٢٦٢، والإصباح ١١٥، والمغني ١٥٥.
(٤) ينظر ابن يعيش ٧/١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>