للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التّداخُل لغة: قال ابن منظور: (تداخُلُ الأمور: تشابُهها والتباسُها، ودخولُ بعضها في بعض. والدَّخْلةُ في اللّون: تخليطُ ألوانٍ في لونٍ) (١) .

أمّا في الاصطلاح فقد عرّفه ابن الحاجب، فقال: (ومعنى تداخل اللغتين: أنْ يَثبتَ للماضي بناءانِ، والمضارعُ لكلّ واحدٍ منهما بناءٌ واحدٌ، ثمّ يتكلّم العربيّ بأحد بناءي الماضي مع بناءِ المضارع الذي ليس له، فيتوهم أنّه جارٍ عليه، وليس كذلك) (٢) .

وقريبٌ منه قولُ ابن جنِّي، إذْ قال ( ... ، ثم تلاقى أصحاب اللغتين، فسمع هذا لغةَ هذا، وهذا لغة هذا، فأخذ كلُّ واحدٍ منهما من صاحبه ماضمّه إلى لغته، فتركبت هناك لغةٌ ثالثة) (٣) .

وقد وضّح ابن جنّي أسباب تداخُل اللّغات، وهو أن يَتلَقّى الواحد لغة غيره فيُسرع إلى قبولها، أو رفضها والاستعصام بلغته؛ أو أنّ طول تكرر سماعه للغة غيره تلصق به وتُوجد في كلامه، فقال: (واعلم أنّ العرب تختلف أحوالُها في تلقِّي الواحد منها لغةَ غيره؛ فمنهم: من يخفّ ويسرع قبولَ مايسمعه؛ ومنهم: من يستعصم فيقيم على لغته البتّة؛ ومنهم: من إذا طال تكرر لغةِ غيره لصِقت به، ووُجدت في كلامه) (٤) .

واعلم أنّ النّحويّين واللّغويّين قد اختلفوا في إثبات أو نفي التّداخُل في اللّغات على مذهبين: (٥)

الأول: ذهب إلى إثبات التّداخُل، وهم على فريقين:

فريق أجازه مطلقاً، وفريق أجازه بشرط ألاّ يؤدي إلى استعمال لفظٍ مهملٍ.

ومن المجوزين: الخليل بن أحمد.

الثاني: ذهب إلى عدم إثباته، وحكم على ماجاء منه بالشّذوذ، أو النّدور، أو القلّة، أو الضّعف، أو أنّها لُغيّة. ومن هؤلاء: سيبويه.


(١) ينظر اللسان "دخل" ١١/٢٤٣.
(٢) ينظر الإيضاح في شرح المفصل ٢/١١٥.
(٣) ينظر الخصائص ١/٣٧٦.
(٤) ينظر الخصائص ١/٣٨٣.
(٥) ينظر الاقتراح ٦٩، والإصباح ١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>