الأسماء والأوصاف التي أطلقها على الحيوان والنبات، والدليل على ذلك أن كثيرًا من أسماء المواضع والأماكن لا تزال تحتفظ بأسمائها التي عرفناها في الشعر الجاهلي، وقد أشرت إلى ذلك في مواضعه من البحث، ولذلك ينبغي أن نستنبط ردودنا على من ينكر صحة الشعر الجاهلي من الشعر نفسه، ونطبق ما ورد فيه من أسماء الأماكن والمواضع والحيوان والنبات على واقع الحال المشاهد، ونستدل من الأوصاف ومظاهر الحياة الاجتماعية التي دونها الشعر على نظائرها التي احتفظت ببقائها إلى وقت قريب، ويعود السبب في ذلك إلى أن الصحراء بقيت إلى عقود قريبة محافظة على خصائصها وسماتها وبيئتها التي قرأناها في الشعر الجاهلي والأموي، وكان سكانها قبل توطينهم وتحضرهم يمارسون الأعمال نفسها التي كان يمارسها عرب الجاهلية، ومن أظهرها الاعتماد في حياتهم على إنتاج الصحراء من حيوان ونبات، والتنقل في مسالكها بحثًا عن المياه والمراعي، أو شن الغارات على الخصوم، وغير ذلك من المهمات التي نسمعها عن عرب البادية في شكل قصص وأخبار، ولا نجد في مضمونها اختلافًا عما كنا نقرؤه عن عرب الصحراء في عهود سحيقة، ووجه الاختلاف الوحيد وسيلة النقل، نقرأ أخبار العرب وقصصهم في الجاهلية والإسلام، وما يصحبها من أشعار باللغة الفصحى، أما أحفادهم عرب البادية فنسمع أخبارهم وقصصهم وأشعارهم من أفواه الرواة باللهجة العامية، ولابد من الإشارة إلى أنه سقط الكثير من أخبار العرب في الجاهلية والإسلام وقصصهم وأشعارهم، وما وصل إلينا من ذلك لا يمثل إلا القليل مما فقد، والسبب في ذلك واضح، وهو أن التدوين الكتابي الفعلي لم يبدأ إلا في القرن الثاني الهجري، كذلك لم يدون من أخبار عرب الصحراء في جزيرة العرب وقصصهم إلا القليل جدًا، ولم يبدأ التدوين إلا منذ عهد قريب، ممثلاً في الكتب التي تعنى بالأدب الشعبي شعرًا ونثرًا.