للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حكيماً: خبر ثان لكان. وهو اسم من أسماء الله، مشتق من الحكم والحكمة، على وزن «فعيل» صفة مشبهة أو صيغة مبالغة، يدل على أنه عز وجل ذو الحكم التام وذو الحكمة التامة البالغة (١) .

له الحكم بأقسامه الثلاثة: الحكم الكوني القدري والحكم الشرعي، والحكم الجزائي. وله الحكمة بقسميها: الحكمة الغائية والحكمة الصورية (٢) .

وقد ختم الله هذه الآية بقوله: (إن الله كان عليماً حكيماً (.

بعد أن ذكر أنه التزم بقبول التوبة ممن عمل السوء بجهالة ثم تاب من قريب، ليبين أن توبته على هؤلاء عن علم وحكمة، فهو عز وجل أعلم بمن يستحق التوبة ممن توفرت فيهم شروطها ممن لا يستحقها.

وهو سبحانه يوفق للتوبة برحمته من اقتضت حكمته توفيقه لها، ويخذل بعدله من اقتضت حكمته عدم توفيقه، فهو سبحانه حكيم يضع الأمور مواضعها (٣) .

قال تعالى: (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً (.

صلة الآية بما قبلها:

حصر الله عز وجل في الآية السابقة التوبة في الذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب، ومفهوم هذه الآية أن من عداهم ممن يستمرون على عمل السيئات حتى حضور الموت ليس لهم توبة، وقد صرح بهذا المفهوم في الآية الثانية توكيداً لذلك، فقال تعالى: (وليست التوبة للذين يعلمون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً (.

أي: لما بين من تقبل منهم التوبة أتبع ذلك ببيان من لا تقبل منهم التوبة (٤) .

معاني المفردات والجمل:

قوله تعالى: (وليست التوبة للذين يعملون السيئات (.


(١) انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية ١٤/١٨٠.
(٢) انظر: «شرح ابن عيسى للنونية» لابن القيم ٢/٢٢٦، وكتابنا «تفسير آيات الأحكام في سورة النساء» ١/٢٧٥ ٢٧٩.
(٣) انظر: «جامع البيان» ٨/٩٨.
(٤) انظر: «التفسير الكبير» ١٠/٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>