للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الأول: أن الوكالة بها لاتصح، وبهذا قال الحنفية (١) والشافعية (٢) وقول عند الحنابلة (٣) .

اختاره أبو الخطاب (٤) ، إلاَّ أن الشافعية استثنوا إثباتها بالوكالة تبعاً فيقع (٥) ، مثل أن يقذف شخص آخر فيطالبه بحد القذف فله أن يدرأ عن نفسه بإثبات زناه بالوكالة وبدونها، فإذا ثبت الزنا أقيم عليه الحد.

واستدلوا بما يلي:

١ - أن هذا النوع من الحدود يثبت عند القاضي بالبينة أو الإقرار من غير خصومة فلا حاجة إلى التوكيل (٦) .

٢ - أن الحدود تدرأ بالشبهات وقد أمرنا بدرئها بها بقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((ادرأوا الحدود بالشبهات ما استطعتم)) (٧)


(١) تكملة فتح القدير ٨/٩، وتبيين الحقائق ٤/٢٥٦.
(٢) انظر: الحاوي ٦/٥١٧، ومغني المحتاج ٢/٢٢١.
(٣) المغني ٧/٢٠١، والشرح الكبير مع المقنع والإنصاف ١٣/٤٥١، والإنصاف معهما.
(٤) هو: محفوظ بن أحمد بن الحسن بن أحمد الكلوذاني، أبو الخطاب، البغدادي، أحد أئمة المذهب الحنبلي وأعيانه، ولد سنة ٤٣٢ هـ، وتوفي سنة ٥١٠ هـ. انظر: طبقات الحنابلة ٢/٢٥٨، والذيل عليها لابن رجب ١/١١٦.
(٥) مغني المحتاج ٢/٢٢١.
(٦) بدائع الصنائع ٦/٢١.
(٧) رواه الترمذي باب ماجاء في درء الحدود، حديث [١٤٢٤] ٤/٣٣ بلفظ: ((ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم ... )) وذكر أنه قد روي موقوفاً، وأن الوقف أصح قال: وقد روي عن غير واحد من الصحابة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - أنهم قالوا مثل ذلك.
... وأخرجه الحاكم ٤/٣٨٤، والبيهقي في سننه ٨/٢٣٨ قال الشوكاني في نيل الأوطار ٤/٦٥٣، ولكن في إسناده يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف كما قال الترمذي، وقال البخاري فيه: إنه منكر الحديث، وقال النسائي: متروك. انتهى.
... قال: والصواب: أنه موقوف كما في رواية وكيع، قال البيهقي: رواية وكيع أقرب إلى الصواب قال: ورواه رشدين عن عقيل عن الزهري، رشدين ضعيف.

... وروى ابن ماجه بإسناد ضعيف عن أبي هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((ادفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعاً)) ابن ماجة حديث [٢٥٤٥] .
... قال الشوكاني: وفي الباب عن علي مرفوعاً: ((ادرؤوا الحدود بالشبهات)) وفيه المختار بن نافع قال البخاري: وهو منكر الحديث. قال: وأصح ما فيه حديث سفيان الثوري عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال: ادرؤوا الحدود بالشبهات ... )) .
... وروي عن عقبة بن عامر، ومعاذ أيضاً موقوفاً، وروي منقطعاً، وموقوفاً على عمر.
... ورواه ابن حزم في كتاب الإيصال عن عمر موقوفاً عليه، قال الحافظ: وإسناده صحيح.
... ثم قال الشوكاني: وما في الباب وإن كان فيه المقال المعروف فقد شد عضده ما ذكرناه فيصلح للاحتجاج به على مشروعية درء الحدود بالشبهات المحتملة لا مطلق الشبهة. نيل الأوطار ٤/٦٥٣ وما بعدها، وانظر: تلخيص الحبير لابن حجر ٤/٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>