للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال النووي في شرح مسلم: (واعلم أن حقيقة الدعوى إنَّما هي لأخيه عبد الرحمن لا حق فيها لابني عمه، وإنَّما أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يتكلم الأكبر وهو حويصة؛ لأنه لم يكن المراد بكلامه حقيقة الدعوى بل سماع صورة القصة وكيف جرت فإذا أراد حقيقة الدعوى تكلم صاحبها ويحتمل أن عبد الرحمن وكَّل حويصة في الدعوى ومساعدته أو أمر بتوكيله) (١) .

إذن لايصلح دليلاً على أن رضا الخصم غير معتبر في الوكالة؛ لأن ما في الحديث يحتمل الوكالة ويحتمل غيرها ومع الاحتمال لايصح الاستدلال، والله أعلم.

٢ - إجماع الصحابة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - فإن علياً وكل عقيلاً عند أبي بكر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وقال: ما قضي له فلي، وما قضي عليه فعلي، ووكل عبد الله بن جعفر عند عثمان وقال: إن للخصومة قُحَماً، وإن الشيطان ليحضرها ... ) قال في المغني: ومثل هذه القصص انتشرت لأنها في مظنة الانتشار فلم ينقل إنكارها (٢) .

وفي الحاوي: أن علياً كان حاضراً فكان ذلك منهم إجماعاً على وكالة الحاضر (٣) .

أقول أيضاً لم ينقل أنّ علياً - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - طلب موافقة أو رضا خصمه بالتوكيل فدل على أن الوكالة من الحاضر لايعتبر لها رضا الخصم.

ويُمكن أن يناقش بما ذكره في البدائع أن علياً - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - لم يكن ممن لايرضى أحد بتوكيله (٤) .

ويجاب عنه: بأن رضا الخصم لو كان شرطاً لطلبه علي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ولقال خصمه: لم يكن التوكيل برضاي إذ الحالة حالة خصومة ومنازعة، والله أعلم.

٣ - أن التوكيل بالخصومة صادف حق الموكّل فلايقف على رضا الخصم كالتوكيل في استيفاء الدين.


(١) شرح النووي على صحيح مسلم ١١/١٤٦، وانظر: شرح الزرقاني على الموطأ ٤/٢٠٨.
(٢) المغني ٧/٢٠٠، والخبر تقدم هامش [٤٨] ، والقحم: المهالك.
(٣) الحاوي ٦/٥٠٣.
(٤) بدائع الصنائع ٦/٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>